انتشار السِمْنَة وفقر الدم بين المراهقات السعوديات 

دراسة تكشف أن السِمْنَة ونقص الحديد شائعان بين الشابات السعوديّات في الرياض.

Oleksandra Naumenko / Alamy Stock Photo

دقت دراسة1 جديدة ناقوس الخطر بشأن الصحّة والتغذية لدى المراهقات السعوديّات؛ إذ أشارت إلى أن 77.6% منهنّ، من عمر 16 إلى 18 عامًا تعانين من نقص الحديد، و18.2% منهنّ زائدات الوزن، و11.5% مصابات بالسمنة.  ورجَّحت الدراسة أنهنّ الفتيات غالبًا لا يتناولن وجبة الإفطار، وتتبعن نظامًا غذائيًّا عالي السكريات؛ نتيجة لتناول كميات كبيرة من الوجبات السريعة والمشروبات الغازية.

وتناولت دراسة أجريت في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحيّة (KSAU-HS) العلاقات بين الأنماط الغذائيّة، ومستويات دخل الأسرة، والاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونيّة، وعدم ممارسة الرياضة بشكلٍ كافٍ.

تتوافق النتائج إلى حدٍ كبير مع دراسات سابقة، مثل دراسة2 سابقة أجرتها كلية الطب بجامعة طيبة وكشفت أن 64% من الطالبات الجامعيات بالمملكة العربيّة السعوديّة يعانين من فقر الدم. وقد صار انتشار السمنة وزيادة الوزن في أوساط الشباب في العالم العربي من الأمور المقلقة خلال العقود السابقة، خاصة في دول الخليج؛ حيث كانت مستويات رغد العيش في ارتفاع، وبلغت نسبة السمنة في الأطفال والمراهقين 18% في بعض البلدان، وفقًا لدراسة3 أجراها عام 2014 سلطان النهير من قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة قاسم.

يقول النهير: "من الواضح بكل تأكيد أن السمنة في تزايد؛ وقد تضاعفت معدلاتها خلال السنوات ال15 إلى الـ20 الماضية، والنساء بالأخص أكثر عرضة للمرض". وأشار النهير إلى توقعات دراسة أجريت بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحيّة تتنبأ بزيادة المعدلات الكلية للسمنة في المملكة العربية السعودية إلى 41% في الرجال مقابل 78% في النساء بحلول عام 2022، في حين كانت النسبة الأخيرة 20.7% فقط في عام 1992 .

يقول النهير: "تقترن السمنة بأمراض السكريّ، والقلب، وآلام المفاصل، وهشاشة العظام، ومشكلات صحية عديدة أخرى. ومن الضروري بذل جهود كبيرة للتوعية بالتقليل والحدّ من مستويات السمنة".

الولع بالحلوى

تفحص الدراسة التي أجرتها جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحيّة عام 2018 الأسباب المساهمة في انتشار السمنة بين الفتيات، ففي هذه الفئة العمريّة من المرجح أن تسجِّل نساء دول الخليج العربي نسبة إصابة بالسمنة ضِعف أقرانهنّ من الذكور.

تقول مها التركي – مديرة برنامج التغذية الإكلينيكية بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحيّة والباحث الرئيس في دراسة عام 2018 – إن العادات الغذائية الملحوظة في الشريحة الديموغرافيّة للمُراهِقات في الرياض تتشابه على الأرجح مع العادات الغذائية في أماكن أخرى من المنطقة. وتفسر: "أعتقد أن الأنماط الغذائية الملحوظة في الدراسة قد تتشابه مع أنماط أخرى مسجلة في دراسات سابقة. وتضرب المثل بدولة البحرين المجاورة؛ حيث يتبع المراهقون نظامًا غذائيًّا ترتفع فيه نسبة بعض البروتينات الحيوانيّة، مثل الدجاج، والأغذية المعلبة، مثل رقائق البطاطس، وتنخفض فيه نسبة الفواكه والخضروات.

توضح الدراسة أن الأنماط الغذائيّة بين المراهِقات ليست مغذية، نتيجة لتناول الأغذية عالية السعرات الحرارية منخفضة الحديد والألياف. فعلى سبيل المثال، كان ثمة ارتباط قويّ بين تناول عصائر الفواكه المعلبة بانتظام وبين ارتفاع نسبة دهون الجسم في الشريحة الديموغرافيّة موضع الدراسة. كذلك تذكر الدراسة أن ارتفاع استهلاك السكروز وانخفاض استهلاك الألياف يزيدان من احتمال الإصابة بالمتلازمة الأيضيّة وتهتّك الكبد.

ومن الملاحظ أيضًا أن استهلاك الحلوى يزداد بدرجةٍ ما فيما بين المراهقات الإناث مقارنة بأقرانهن من الذكور، ووجدت دراسة5 تعود إلى عام 2013 أن هذا ينطبق أيضًا على المُراهِقات في دولة الكويت. تقول التركي: "أفادت دراسات عديدة بأن التقلبات الهرمونية والتوتر لدى المراهقات قد يعزز رغبتهنّ في تناول الأطعمة السكريّة. وثمة تفسير آخر مقترح لهذا التوق الشديد الواضح للسكريّات، وهو أن تناول السكر يحفِّز إفراز الإندورفينات، التي تزيد [الإحساس العابر بـ] الهدوء والسعادة؛ ولأن الإناث يمتلكن عادة عدد أقل من الناقلات العصبيّة، مثل السيروتونين، فإنهن قد يتناولن المزيد من الأطعمة المعززة للسيروتونين كالسكريّات"، وتشجِّع التركي إجراء مزيد من الأبحاث حول هذه الفرضية.

وقد كشفت الدراسة أن المصابين بفقر الدم البالغة نسبتهم 77.6% من الشريحة الديموغرافية يتناولون أطعمة سريعة، ودهنيّة أكثر، ولحومًا أقل، مقارنة بأقرانهم غير المصابين بفقر الدم. في حين أن أكثر من ثلث الشابات اللاتي شملتهنّ الدراسة (37.5%) لا يتناولن وجبة الإفطار عادة، بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف مقارنة بنسبة 12% التي وجدتها التركي في دراستها على أطفال المدارس الابتدائيّة، وهو ما يؤكد كذلك على تفاقم مخاطر العادات الغذائيّة السيئة وما يرتبط بها من أمراض، مثل السمنة، في أوساط الفتيات اللاتي بلغن سن المراهقة ويقفن على أعتاب سن الرشد.

كذلك كانت المراهقات أكثر عرضة للإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن في العائلات ذات مستويات الدخل الأعلى؛ إذ كانت نسبة 54.5% من المُراهِقات المصابات بالسمنة تنتمين إلى عائلات ذات دخلٍ شهريّ يتجاوز 10 آلاف ريال سعودي (2666 دولار أمريكي). أشارت الدراسة أيضًا إلى أن 71.1% من الأفراد في الشريحة الديموغرافيّة يمارسون عادة شكلًا ما من أشكال التمارين الرياضية، وإن كانت لا تحدد مستوى شدة التمارين أو نوعها.

وتزعم الدراسة أن الاستخدام المتكرر للأجهزة التقنيّة يرتبط ارتباطًا عكسيًّا بالمستويات المثاليّة من النشاط البدنيّ. وبالمثل، تذكر الدراسة التي أجراها النُهير أن التطورات التقنيّة، وتراجع مستويات النشاط البدنيّ، ومعدَّلات التمدّن السريعة، وزيادة تناول الوجبات السريعة، أسباب رئيسيّة لازدياد مستويات السمنة في دول الخليج. يقول النهير: "إن نمط الحياة الجديد، وتضاؤل الاعتماد التقليديّ على المحاصيل المزروعة بصورة طبيعية – وهو نظامٌ غذائيّ كان غنيًّا بالألياف - هو عامل رئيس في هذه المشكلات". ويضيف النهير أن نمط الحياة البدويّ التقليديّ القديم كان أقلّ خمولًا من نمط حياة المدن الحديثة في العالم العربيّ.

تقول التركي: "إن الاهتمام بالرعاية الصحية والاجتماعيّة هي الحجر الأساسي الذي تُبنى عليه رؤية السعودية لعام 2030"، وتشير بذلك إلى تزايد اهتمام القطاع العام بتطوير الخدمات والتوعية الطبية، والعلاج. وتضيف: "طورت عدة وزارات سعوديّة خططًا تستهدف تحسين أسلوب الحياة وتقليل مخاطر الأمراض الناتجة عن النظم الغذائيّة. وفي العام الدراسيّ 2017-2018، وافقت وزارة التعليم أيضًا على إضافة حصص للتربية البدنيّة للفتيات، لتشجيعهن على ممارسة التمارين الرياضيّة. ورغم أن الحكومة تتخذ خطوات إيجابيّة نحو تحسين صحة جيل الشباب، فيوجد كثير مما يمكن فعله. ومن جانبي، أقترح إدراج موضوعات للتوعية الغذائيّة في مناهج المدارس الأهلية، وهو ما سيكون له أثر [إيجابيّ] كبير".

وبالمثل، أشاد النهير بجهود وزارة الصحة للحدّ من معدلات السمنة، مثل تخصيص مسارات للمشاة في المدن الكبرى، وإطلاق مبادرة "السعودية تمشي" عام 2017 عبر تويتر. يقول النهير: "يجب تكرار مثل هذه المبادرات على نطاق أوسع. ففي المدارس، ينبغي للمعلمين توعية الطلاب باستمرار بشأن الصحة والأمراض المرتبطة بأنماط الحياة، لا سيما في ظل استمرار ارتفاع معدلات السمنة بين جيل الشباب. كذلك من الضروريّ أن تقدم الكافيتريات في المدارس خيارات وجبات أكثر نفعًا".

References

  1.  Al  Turki,M. et alBreakfast consumption habits among schoolchildren: A cross-sectional study in Riyadh, Saudi Arabia. International Research Journal of Medicine and Medical Sciences 6, 50-55, (2018)  | article
  2. Al Hassan, N. The prevalence of iron deficiency anemia in a Saudi University female students. Journal of Microscopy and Ultrastructure 3, 25-28 (2015) | article
  3. AlNohair, S. Obesity in Gulf Countries. International Journal of Health Sciences 8, 79-83 (2014). | article
  4. Alqarni, S.S. A review of prevalence of obesity in Saudi Arabia. Obesity & Eating Disorders 2 (2016).   | article
  5. Allafi, A. et al. Physical activity, sedentary behaviours ans habits among Kuwaiti adolescents: gender difference. Public Health Nutrition 17, 2045-2052 (2014).   | article