الذكاء الاصطناعي يُحَسِّن دقة نتائج تحليل الأورام في أثناء العمليات الجراحية

نظام يعمل بالتشغيل الآلي يمكنه إتاحة معلومات تشخيصيّة في أثناء جراحات أورام المخ، بدقّة مشابهة لدقة تشخيص اختصاصي علم الأمراض. 

قراءة

Thierry Dosogne/ Stone/ Getty Images

أظهرت دراسة نُشرت في دورية «نيتشر ميديسن» Nature Medicine أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تزويد الجرّاحين بمعلومات تشخيصيّة شبه آنية في أثناء إجراء جراحات استئصال أورام المخّ. وهذه الدراسة -التي قادها دانييل أورينجر، جراح الأعصاب في مركز لانجون الطبي التابع لجامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكيّة- من شأنها تعزيز الرعاية الجراحيّة المُقدمة لمرضى أورام المخ.

في أثناء جراحات استئصال أورام المخ، يتعيّن تحليل النسيج المُستأصَل للتعرف على نوع الورم، وكذلك التأكد من استئصال أكبر قدر ممكن من النسيج السرطاني، وفي الوقت نفسه تقليل ما يُستأصل من النسيج السليم إلى أدنى درجة ممكنة. تتضمن الإجراءات المعتادة في هذه العمليّة نقل العينات إلى المختبر لصبغها وتحليلها بواسطة اختصاصيي علم الأمراض، إلا أن هذا النهج يستهلك كثيرًا من الوقت، إضافة إلى كونه مرتفع التكلفة، وتعتريه قيودٌ تتعلق بالموارد والخبرات.

وبفضل التطور التقنيّ، أمكن استحداث تقنية «رامان في التصوير المُحفَّزْ للأنسجة» (SRH) التي تتيح إجراء تحليل مجهريّ بسيط وسريع لعيّنات الأنسجة داخل غرفة العمليّات. ويشرح أورينجر ذلك قائلًا: "تقنية رامان في التصوير المُحفَّزْ للأنسجة تُمكِّن الجَرَّاح من رؤية الورم على مستوى مجهريّ، قد لا يكون مرئيًا بأي طريقة أخرى، كما تُمكِّنه من التشخيص السريع لنوع الورم الذي يستأصله. ورغم أن هذه التقنية تُوَلِّد بسرعة صورًا مجهرية عالية الدقة، فما يزال تفسير تلك الصور يتطلب خبرة فنية كبيرة".

سعى أورينجر وزملاؤه إلى التغلب على هذه العَقَبة بتطويرنظامٍ لإجراء تحليلٍ آلي للصور التي تقدمها تقنية رامان في التصوير المُحفَّزْ للأنسجة. من هنا لجأ الباحثون إلى الذكاء الاصطناعيّ لتوليد شبكات عصبيّة التفافيّة عميقة يمكنها تحليل العينات. دُرِّبَت هذه الشبكات -باستخدام أكثر من 2.5 مليون صورة مُصَنَّفة لعينات أورام- على تعرّف الأنواع الفرعيّة للأورام استنادًا إلى الخصائص المُمَيِّزة لها.

اختبر الفريق النظام على 279 مريضًا، كانوا قد خضعوا لجراحات استئصال أورام في المخ. إذ حلّلوا العينات المأخوذة من كل مريض عن طريق نظام التشغيل الآلي واختصاصيي علم الأمراض، وبعد ذلك قورنت دقة كل منهما. بلغت دقة النظام الآلي في تصنيف الأورام 94.6%، في مقابل دقة قدرها 93.9% باستخدام النهج التقليديّ. كذلك توصل النظام الآلي إلى نتائجه بمعدل أسرع عشر مرات تقريبًا، إذ تتاح نتائجه خلال دقيقتين ونصف الدقيقة عادةً. يُلخِّص أورينجر الأمر قائلًا: "يستطيع النظام الذي صممناه أن يتنبأ على نحوٍ موثوق بتشخيص أورام المخ خلال دقائق، بدقة تضاهي خبراء اختصاصيي علم الأمراض العصبية".

هذا النظام له آثار واعدة في تحسين تشخيص الأورام واستئصالها، إذ يتيح بفاعلية معلومات تشخيصيّة فوريّة للجراحين داخل غرفة العمليّات. ويوضّح أورينجر: "يشبه هذا بدرجة ما، امتلاك الجراحين لخبرة اختصاصيي علم الأمراض داخل غرفة العمليّات، حتى لو لم يتمكن أخصائي علم الأمراض من التواجد شخصيًا. وهذا أمر مهم للغاية في الحالات التي تحتاج إلى خبرة أخصائي علم الأمراض، بيمنا يوجد نقص في توافر مختبر أو أخصائي علم الأمراض أو حتى بنية تحتيّة".

References

  1.  Hollon, T.C., Pandian, B., Adapa, A.R. et al. Near real-time intraoperative brain tumor diagnosis using stimulated Raman histology and deep neural networks. Nat Med 26, 52–58 (2020).  | article

أقرأ أيضا

علم التشخيص: تجاهلوا تقليب العينات في تحليل نقص فيتامين "د"

اكتشاف قد يوفر الوقت والجهد لفنيي المختبرات: تحليل فيتامين "د" لا يتطلب تقليب العينات