12 مايو 2021
في شهر مايو من عام 2020، أُجريت دراسةٌ على العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يقفون على خط المواجهة الأمامي ضد جائحة "كوفيد-19" في المملكة العربية السعودية، كشفت نتائجُها أن معدل إيجابية المصل كان منخفضًا بوجهٍ عام، رغم تبايُنه عبر مختلف المناطق والمستشفيات.
وترصُد دراساتُ الانتشار المصلي نسبةَ الأشخاص المصابين في مجموعة سكانية بالعوامل المُمرِضة على مدار فترة معينة، ويجري ذلك من خلال المقايسات المناعية التي تقيس وجود الأجسام المضادة في مصل الدم. فانتشارُ الأجسام المضادة المُحيِّدة للفيروسات (NAbs) يُعد مؤشرًا علىإصابة الشخص بالعدوى في السابق، وكذلك على المناعة بعد الإصابة.
أُجري هذا المسحُ الذي يُعد الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية في 85 مستشفى مُوزَّع على فئتين: 61 مستشفًى إحالةٍ يَضمُّ حالاتِ إصابةٍ مؤكدةٍ بمرض "كوفيد-19"، مع استبعاد الحالات التي ظهرت عليها الأعراض، إضافة إلى 24 مستشفًى غير متضرر ولا يَضمَّ أي أشخاص مصابين بمرض "كوفيد-19". لم تُبلِغ مُستشفياتُ الفئة الثانية عن أي نوبات تفشٍ للمرض بين العاملين في مجال الرعاية الصحية بها، ومن ثم جرى التعامل معها باعتبارها المجموعة الضابطة.
وبتحليل عينات مصل الدم لأكثر من 12,600 عامل بمجال الرعاية الصحية، تراوحت معدلاتُ إيجابية المصل ما بين 0% و6.31%. وقد اتضح، حسبما كان متوقعًا، أن معدل إيجابية المصل كان أعلى بين العاملين بمجال الرعاية الصحية الأكثر تعرُّضًا لمرض "كوفيد-19" نتيجة عملهم بالمستشفيات التي تَضمُّ حالاتٍ مؤكدة. وتبيَّن وجود نقص في الأجسام المضادة المُحيِّدة للفيروس لدى 8% من العينات التي جرى تحليلها، لانخفاض نسبها أو لوجود الأجسام المضادة للفيروسات التاجية بها.
يقول نايف الحربي -أحد الباحثين المشاركين في الدراسة ورئيس وحدة تطوير اللقاحات بمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية- إن انخفاض معدل إيجابية المصل لفيروس كورونا 2 المُسبِّب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة ، "سارس-كوف-2" SARS-CoV-2 ربما يكون دليلًا على أن الحرص على استخدام معدات الوقاية الشخصية وتطبيق الإغلاق الشامل على مستوى الدولة أدَّيا بنجاحٍ إلى الإبقاء على معدل الإصابة بمرض "كوفيد-19" من غير ظهور أعراضٍ عند مستوياتٍ منخفضة بين العاملين في مجال الرعاية الصحية.
يقول جعفر آل توفيق، أحد الباحثين بمركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي للرعاية الصحية، والذي شارك في الدراسة: "هذه الدراسة ليست سوى جزءٍ من الصورة الكاملة لعلم وبائيات "كوفيد-19" في المملكة العربية السعودية، ويجب أن يُنظَر إليها في سياق جميع الدراسات والنتائج الرئيسة الأخرى".
وقد تَباينَ معدلُ إيجابية المصل عبر المناطق المختلفة من المملكة، كما تَباينَ تبعًا لعدد الحالات المُصابة في مجتمعٍ ما. يُوضح آل توفيق هذه النقطة بالقول: "يُحتمل أن يكون هناك ارتباطٌ بين تبايُن معدل إيجابية المصل وتبايُن عدد الحالات في ذلك المجتمع أو تلك المدينة. وبما أن العاملين في مجال الرعاية الصحية جزءٌ من أي مجتمع، فإنهم عُرضة للإصابة بفيروس "سارس-كوف-2" داخل هذا المجتمع".
ومنذ ذلك الحين، أُجريت دراساتٌ أخرى بهدف قياس الانتشار المصلي في المجتمع السعودي على اتساعه. ويُشير آل توفيق إلى أن إحدى الدراسات التي أُجريت على عينات دمٍ أُخذت من متبرعين أصحاء أظهرت انخفاضًا في معدل انتشار الأجسام المضادة لفيروس "سارس-كوف-2"، وذلك على الرغم من ارتفاعه بين غير المواطنين. ويضيف الحربي أن مسحًا آخر أظهر ارتفاعًا في مُعدل إنتاج الأجسام المضادة المُحيِّدة للفيروس في حالات الإصابة الشديدة، وبلغ هذا الارتفاع ذروته على مدار الأشهر الثلاثة التي أعقبت الإصابة. وقد بدأ الحربي العمل على دراسة وطنية أكثر تمثيلًا عن الانتشار المصلي، تضم هذه الدراسة -التي يأمل أن تُنشر قريبًا- أكثر من 11 ألف عينة جُمعت في الفترة بين يونيو ونوفمبر 2020.
References
- Alserehi H.A., et al. Seroprevalence of SARS-CoV-2 (COVID-19) among healthcare workers in Saudi Arabia: comparing case and control hospitals. Diagn Microbiol Infect Dis. 99, 115273 (2020). | article