19 مايو 2021
إن استخدامُ الذكاء الاصطناعي (AI) في التنبؤ بمخاطر الإصابة بأمراضٍ مُعينة من المُمكن أن يُسهم في إنقاذ الأرواح، بل ويُساعد أيضًا على تخفيف العبء عن كاهل القطاع الطبي المُثقَل بالمسؤوليات. وقد نجح الباحثُ رياض الشمري وزملاؤه في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) مؤخرًا، في ابتكار نموذجٍ عالي الدقة للتعرُّف على المرضى المصابين بداء السكري استنادًا إلى نتائج فحوصات بسيطة، وبعض التفاصيل المتعلقة بنمط حياتهم.
وتشهدُ حالاتُ الإصابة بداء السكري تزايدًا على مستوى العالم، وتقترن بها مخاطرُ حدوثِ مضاعفاتٍ صحيةٍ مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية. ويتوقع الخبراء أن يزداد عدد المصابين بداء السكري في المملكة العربية السعودية وحدها بواقع 2.5 مليون حالة بحلول عام 2030.
ولا تُسهم العواملُ الوراثية سوى بنسبةٍ ضئيلة في مخاطر الإصابة بداء السكري، وثمة ارتباطٌ قوي بين الإصابة بالمرض والسمنة، وغيرها من متغيرات نمط الحياة. ويُستدل من ذلك على أن النماذج القائمة على البيانات الشخصية يمكن أن تفي بالغرض دون الحاجة إلى فحوصاتٍ مختبرية معقدة.
يقول الشمري: "يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي مُقدمي الرعاية الصحية على إعادة هيكلة استراتيجياتهم للوقاية من داء السكري والتحكم فيه. هذا من شأنه أن يُوفر النفقاتِ الطبية التي يتكبدها المرضى والجهات المعنية بالرعاية الصحية".
بالتعاون مع جامعة سايمون فريزر في كندا، استخدم الشمري وفريقٌ من كيمارك، و جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، خدمةَ حوسبةٍ سحابية في تصميم أربع خوارزميات واختبارها استنادًا إلى تعلم الآلة. وقد جمعوا أيضًا بياناتٍ عن أكثر من 66 ألف مريض من الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني خلال الفترة بين عامي 2013 و2015، وكان هؤلاء المرضى قد خضعوا لفحوصات الهيموجلوبين السكري (HgbA1c)لتحديد ما إذا كانوا مصابين بداء السكري أم لا. واشتملت مجموعة البيانات على 17 سمة لكل مريض، مثل العمر، ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، وعديد من الفحوصات المختبرية.
وعمد الباحثون إلى استخدام عملية تحقُّق متقاطع بمقدار 10 أضعاف، بهدف اختبار كل خوارزميةٍ على حدة. يقول الشمري موضحًا: "قسَّمنا البيانات الأصلية عشوائيًا إلى 10 مجموعاتِ بياناتٍ فرعية متساوية الحجم. واستخدمنا إحداها في تدريب النموذج، في حين استخدمنا بقية المجموعات في التحقُّق منه. وكرَّرنا هذه العملية إلى أن تأكَّدنا من استخدام كل مجموعة بياناتٍ فرعية كمجموعة تدريب".
كان أكثر النماذج نجاحًا هو خوارزميةُ شبكة عصبية تُعرف باسم «ديب نت» Deepnet، إذ أمكنها -على نحوٍ صائبٍ- تحديد ما إذا كان 88.5% من المرضى مصابين بالسكري أم لا. يقول الشمري: "نماذج "ديب نت" شكلٌ متقدمٌ من الذكاء الاصطناعي يُحاكي الدماغ البشري، ويمكن تدريبُها على تعلم البيانات واكتشاف الأنماط".
ويأملُ الباحثون في أن تؤدي مثل هذه التنبؤات الدقيقة المُستقاة من فحوصاتٍ صحية روتينية إلى الكشف المبكر عن المرض، وأن تتيح إمكانية تحسين التحكم المبدئي فيه. وإذا تحقَّق ذلك، فإن نموذج «ديب نت» من الممكن أن يُساعد الجهات المعنية بالرعاية الصحية على توفير بعض مليارات الدولارات التي تُنفَق حاليًا على الجهود المبذولة للسيطرة على داء السكري.
ويُخطط الشمري لاستكشاف الكيفية التي تستطيع بها نماذجُ مثل "ديب نت" تمكين الأفراد من مراقبة المخاطر الصحية المحدقة بهم باستخدام "إنترنت الأشياء". واختتم الشمري حديثه بالقول: "يمكن استخدامُ الذكاء الاصطناعي في أجهزةٍ صغيرة تكون مُعلَّقة بالجسم ومتصلةً بالهواتف الذكية".
References
- Alshammari, R, Atiyah, N., et al. Improving Accuracy for Diabetes Mellitus Prediction by Using Deepnet. OJPHI 12(1):e11 (2020) | article