الخلايا الدبقيةُ الصغيرة تلعبُ دورًا أساسيًا في مرض الزَّرَق لدى الأطفال

الطفرةُ الجينية التي تحدثُ لدى أغلب الأطفال السعوديين المصابين بالزَّرَق الخِلقي الأوَّلي تُعوق نمو العصب البصري بتأثيرها في الخلايا الدبقية الصغيرة

قراءة

P. Bogdanov-C. Sola-J. Sampedro-M. Valeri/Vall d'Hebron Institut de Recerca (VHIR)

تؤدي طفرةٌ تحدث في أحد الجينات المرتبطة بالزَّرَق الخِلقي الأوَّلي (PCG)، إلى تغيُّرٍ في أداء الخلايا التي تُحيط بالعصب البصري وتحميه وتعمل على صيانته. صحيحٌ أننا لم نصل بعد إلى فهمٍ تامٍ لمسار تطوُّر مرض الزَّرق (الجلوكوما)، لكن النتائج التالية تُلقي بعض الضوء على الآليات الجزيئية الكامنة ورائه ومُضاعفاته.

يُصيب الزَّرق الخِلقي الأوَّلي الأطفال دون سن الرابعة، ويُسبِّب 5% من حالات العمى لديهم على مستوى العالم. والطفرةُ التي تحدث في الجين CYP1B1 مسؤولةٌ عن 63% من حالات الزَّرَق الخِلقي الأوَّلي في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية. غير أنه لم يتضح إلى الآن كيف تؤدي هذه الطفرة إلى حدوث تلفٍ في العصب البصري.

استخدم باحثون في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)، وجامعة  الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، بالتعاون مع جامعة الملك سعود تقنية "كريسبر" CRISPR لإحداث تلك الطفرة في مزارع الخلايا الدبقية الصغيرة والخلايا النجمية والخلايا الجذعية اللحمية الوسيطة بعد استخلاصها من الفئران. واكتشف الباحثون أن للطفرة تأثيراتٍ شديدة الخطورة على الخلايا الدبقية الصغيرة، التي تؤدي، كما هو معلومٌ، دورًا حيويًا في الدفاع المناعي لدى الجهاز العصبي المركزي.

وقد تراجعَ نمو الخلايا الدبقية الصغيرة بنحو 60% بعد إحداث الطفرة بثلاثة أيامٍ. وإضافةً إلى ذلك، مات كثيرُ من الخلايا الدبقية الصغيرة الطافرة قبل الأوان، وهو ما أدَّى إلى استجابةٍ التهابية شديدة. وإذا اقترن هذا بزيادةٍ في الإجهاد الخلوي وتدهورٍ في الخلايا الجذعية اللحمية الوسيطة، فمن الممكن أن يؤدي إلى تلفٍ في المصفوفة خارج الخلوية التي تُقدِّم الدعم البنيوي والكيميائي الحيوي للعصب البصري، إضافةً إلى الشبكة التربيقية التي تتحكم في الضغط داخل العين.

يقول بهاء الدين الرفاعي، اختصاصي الطب الحيوي بكيمارك، والباحث الرئيسي في الدراسة: "لا تزال الخلايا الدبقية الصغيرة تُدهِش العلماء بالأنشطة التي تمارسها. أتطلع إلى معرفة ما إذا كان الإبقاء عليها حيةً سيكون مُفيدًا في العلاج والإجراءات الطبية أم لا". ويضيف: "وبجانب ذلك،، سوف تساعد مراقبةُ الخلايا الدبقية الصغيرة في النماذج الحيوانية المصابة بالزَّرَق على التوصل إلى علاجاتٍ جديدة أفضل".

وقد أشار الباحثون أيضًا إلى زيادةٍ في معدل التعبير عن عدة بروتينات مُعزِّزة للالتهاب. فقد زاد إنتاج البروتين MMP-2، على وجه الخصوص، في الخلايا النجمية الطافرة، وهي خلايا تلعب دورًا مهمًا في صيانة الخلايا العصبية والحفاظ على بقائها. ومن الممكن أن يُسبِّب هذا مزيدًا من الضرر للمصفوفة خارج الخلوية التي تُحيط بالعصب البصري.

تُبيِّن هذه النتائج مجتمعةً أن طفرة الجين CYP1B1 قد تُؤثر سلبًا في نمو العين، بسبب ما ينجم عنها من فقدٍ في الخلايا الدبقية الصغيرة، وتدهور المصفوفة خارج الخلوية، وزيادة الإجهاد الخلوي. ويشير الباحثون إلى أن الالتهاب الناتج ربما يُفسِّر سبب إخفاق بعض أنواع عمليات  جراحة العين التي تُجرى على الأشخاص الذين يعانون من مرض الزَّرَق. ويقول الرفاعي: "نأملُ أن تساعدنا هذه الدراسةُ والدراساتُ المستقبلية على معرفة ما إذا كان منع حدوث التهابٍ في حالات الزَّرَق لدى الأطفال مُمكنًا من خلال علاجات مضادة للالتهاب أو غيرها من الإجراءات غير الباضعة".

References

  1. Alghamdi, A., et al. The loss of microglia activities facilitates glaucoma progression in association with CYP1B1 gene mutation (p. Gly61Glu). PLOS ONE 15.11 (2020): e0241902. | article

أقرأ أيضا

تقليل الالتهاب المزمن سيئ التكيّف من شأنه أن يستعيد شباب خلايا الدماغ لدى الفئران

حدَّد العلماء مسارًا واحدًا للتأشير الجزيئي يمكن استخدامه لعكس الاختلال الوظيفي في التمثيل الغذائي والمناعة والمرتبط بتقدم العمر لدى الفئران.

السكتة الدماغية الإقفارية: دراسة التهاب الدماغ

حدد علماء من اليابان مسار إشارات يمكن استهدافه في إطار السعي للحد من التهاب الدماغ عقب التعرُّض للسكتة الدماغية الإقفارية.

طفرة طبق الأصل تحاكي التصلب المتعدد

اكتشف الباحثون طفرة وراثية لدى شقيقين سعوديين يُعتقد أنها أدت إلى التباس وتشخيص خاطيء للرنح المخيخي باعتباره تصلبًا متعددًا.