24 يونيو 2021
تضطلع الإيقاعات اليومية بالحفاظ على عملياتٍ مثل دورة النوم/الاستيقاظ، ودرجة حرارة الجسم، ومستويات الهرمونات في حالة تناغم مع دورات الضوء والظلام. وهذه الإيقاعات اليومية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتذبذب نواتج الأيض على مدار 24 ساعة. وقد أظهرت دراسةٌ دولية قادها باحثون في الولايات المتحدة أن النظام الغذائي الغني بالدهون يمكن أن يؤدي إلى اختلال الإيقاعات الأيضية اليومية في الدماغ، وهو ما يكشفُ عن قابلية تأثُّر ساعات الدماغ البيولوجية على نحوٍ غير متوقعٍ بالخيارات الغذائية.
يُؤثِّر النظامُ الغذائي في وظائف عديد من الأعضاء، مثل الكبد والأمعاء والبنكرياس، بتعديل الساعة الداخلية لكل عضوٍ منها. وينجم عن هذا تغيُّرٌ في دورات الإنتاج اليومي لعوامل جزيئية ونواتج أيضية مهمة. غير أننا لا نعرف كثيرًا عن تأثيرات النظام الغذائي والتغيُّرات في إنتاج نواتج الأيض على الساعة البيولوجية الرئيسية في الدماغ، التي يُطلَق عليها النواة فوق التصالبية (SCN)، والتي تجعل ساعاتنا البيولوجية الأخرى في حالة تناغمٍ.
أجرت باولا تونيني وزملاؤها فحصًا لمجموعة نواتج الأيض بالكامل، وهي الموجودة في النواة فوق التصالبية، وفي قشرة الفص الجبهي الإنسي (mPFC)، وهي منطقةٌ بالدماغ ترتبطُ بالوظائف المعرفية العُليا والسلوك العاطفي. تقول باولا إن: " فهمُ الكيفية التي يُؤثِّر بها النظامُ الغذائي في عملية الأيض بهاتين المنطقتين الدماغيتين أمرٌ وثيقُ الصلة بصحة الجسم والعقل".
قَارَنَ الباحثون نواتج الأيض داخل تلك الأنسجة لدى فئرانٍ أُطعِمت بنظام غذائي غني بالدهون وأخرى أُطعِمت بنظامٍ غذائي عادي. ولاحظ الباحثون أن النظام الغذائي الغني بالدهون أحدث تغيُّرًا في عدد نواتج الأيض اليومية ونوعها ومرحلة تذبذبها. تقول تونيني موضحةً: "وجدنا أن نواتج الأيض، التي لم تكن تتذبذب بتناول نظامٍ غذائي متوازن، بدأت تتذبذب بعد تناول نظامٍ غذائي غني بالدهون".
وقد تباينت التأثيرات تبايُنًا شديدًا بين كل من النواة فوق التصالبية وقشرة الفص الجبهي الإنسي. وكانت أنماطُ نواتج الأيض لهاتين المنطقتين متسقةً كذلك مع التغيُّرات التي طرأت على أنماط التعبير الجيني فيهما، مما يُؤكد أن النظام الغذائي الغني بالدهون يُؤثِّر في تذبذب نواتج الأيض بنمطٍ يختلف باختلاف المنطقة. تقول تونيني: "فوجئنا بحجم تأثير النظام الغذائي الغني بالدهون في تذبذب نواتج الأيض بالدماغ و تباينها تبعًا للمنطقة ".
ويتضمن بعضُ هذه التغيُّرات نواتج أيضية تلعب أدوارًا مؤكَّدة في المرونة العصبية، وفي التواصل، والبقاء على قيد الحياة. تقول تونيني: "تطرح نتائجنا احتماليةَ أن يُؤثِّر الاستهلاكُ الممتد للأطعمة الغنية بالدهون تأثيرًا ضارًا في جوانب شتى من وظائف الدماغ والسلوك". وتعتزم تونيني وزملاؤها دراسة هذه الاحتمالية.
ويمكن لتعزيز فهمنا لكيفية تأثير النظام الغذائي في تنظيمِ الإيقاعات اليومية ووظائف النواة فوق التصالبية وقشرة الفص الجبهي الإنسي أن يفتح المجال أمام أساليب علاجيةٍ جديدةٍ لعددٍ من الأمراض المُزمنة المُرتبطة باختلال الإيقاعات اليومية، مثل اضطرابات المزاج والخَرَف.
References
- Tognini, P. et al. Reshaping circadian metabolism in the suprachiasmatic nucleus and prefrontal cortex by nutritional challenge. PNAS 117, 29904–29913 (2020). | article