22 يوليو 2021
كشف باحثون في الولايات المتحدة عن السبب الذي قد يعوق استجابتنا المناعية عن التحييد التام للأشكال المتحوّرة من فيروس الإنفلونزا. وتسلّط الدراسة التي أجراها الباحثون الضوء على كيفية تحسين اللقاحات لتستهدف أجزاء محددة من الفيروس قد تغفل عنها مناعتنا الطبيعية.
إن مدى كفاءة الجهاز المناعي في صدّ العدوى المتكررة من الفيروسات لهو أمر بالغ الأهمية، لا سيّما في الوقت الذي يعاني فيه العالم من مواجهة جائحة فيروسية. وعندما يواجه الجهاز المناعي أحد الفيروسات للمرة الأولى، فإنه يُنتج خلايا الذاكرة البائية B cells التي تتعرّف على قطع بروتينية تشكل جزءاً من الفيروس. بعدها ترتبط الأجسام المضادة التي تفرزها خلايا الذاكرة البائية بهذه الحواتم وتعمل على تحييد الفيروس. وعندما يواجه الجهاز المناعي الفيروس مرة أخرى، تُنشَّط خلايا الذاكرة البائية الموجودة لإفراز نفس الأجسام المضادة ومنع حدوث العدوى.
تقول جينا جثميلر من جامعة شيكاغو، وهي أحد أفراد الفريق البحثي مع هالي دوجان وباتريك ويلسون: "لسوء الحظ، لا يمكن لخلايا الذاكرة البائية الخاصة بنا أن تتعرف دائمًا على الحواتم التي تحوّرت أو انحرفت بمرور الوقت، وهو ما يجعلنا عرضة للإصابة بنُسخ مختلفة من نفس الفيروس. ولهذا السبب يجب تغيير لقاحات الإنفلونزا كل عام حتى نضمن توفيرها الوقاية اللازمة مع تطور الحواتم الفيروسية".
وأحد التساؤلات المهمة المطروحة، ما إذا كانت الطرق المختلفة للتعرض للفيروس في المرة الأولى -أي العدوى الطبيعية مقابل التلقيح- تحفّز مستوى مختلفًا من التذكُّر لدى خلايا الذاكرة البائية ومن ثمّ تؤثر في درجة الوقاية التي توفّرها المناعة الناتجة. درس الباحثون هذا الأمر من خلال مقارنة الأجسام المضادة التي كوّنتها خلايا الذاكرة البائية المأخوذة من أشخاص تعرّضوا للإصابة الطبيعية باثنين من الأنواع الفرعية لفيروس الإنفلونزا مع نظيراتها المأخوذة من أشخاص أصحّاء تلقّوا لقاحًا ضد الإنفلونزا.
تقول دوجان: "وجدنا أن خصائص خلايا الذاكرة البائية المستدعاة تختلف اختلافًا جذريًّا تبعًا لطريقة التعرض للفيروس في المرة الأولى". فمعظم الأجسام المضادة المشتقة من خلايا الذاكرة البائية الناتجة عن التعرض للعدوى قد تعرّفت على الحواتم المحفوظة من السلالات السابقة، لكنها لم تستطع تحييد فيروسات الإنفلونزا الحالية. أما الحواتم الأحدث التي تعرّضت للانحراف، فلم تتعرف عليها هذه الأجسام المضادة في أغلب الأحيان. في المقابل، استهدفت الأجسام المضادة المشتقة من الأفراد الذين حصلوا على اللقاح كلًّا من الحواتم المحفوظة من السلالات السابقة والحواتم التي تغيرت نتيجة الانحراف أو حدوث الطفرات".
وتضيف دوجان: "كانت الأجسام المضادة الناتجة عن التلقيح متصالبة التفاعل إلى حد كبير مع السلالات السابقة، لكنها كانت قادرةً في الوقت نفسه على تحييد الفيروس، وهو ما يشير إلى أن الاستجابة المناعية الناتجة عن اللقاح أفضل في استدعاء الأجسام المضادة الواقية ضدّ الحواتم التي تعرّضت للانحراف والحواتم المحفوظة على حدٍّ سواء".
ويعلِّق ويلسون قائلًا: "من خلال تطوير لقاحات تركّز على بروتينات فيروسية محددة قد يغفل عنها جهازنا المناعي، يمكننا تحسين الاستجابة الوقائية للأجسام المضادة".
References
- Dugan, H.L., et al. Preexisting immunity shapes distinct antibody landscapes after influenza virus infection and vaccination in humans. Science Translational Medicine 12 eabd3601 (2020) | article