حقيقة الأحماض الدهنيّة

أظهرت دراسة هولنديّة أُجريت على مجموعة متماثلة الفئة العمريّة أنّ الأحماض الدهنيّة المشبّعة قد لا تكون على درجة من السوء كما يظنّ الكثيرون.

قراءة

©PhotoCuisine RM/ Alamy Stock Photo

تُعَد الأحماض الدهنيّة المشبّعة، إلى حد كبير، أصل المشكلة في الأمراض المرتبطة بالقلب، ذلك لأنّها عُدّت مسؤولة عن رفع مستويات الكولسترول الضارّ. حتى إن دراسات مبكّرة أوحت بوجود صلة بين تناول الأحماض الدهنيّة المشبّعة وأمراض نقص تروية القلب، ما يؤدي إلى انخفاض إمدادات الدم إلى القلب، ويتسبب في وفاة أكثر من سبعة ملايين شخص في العالم سنويًّا.

 

إيفون فان دير شوو -من مركز يوليوس لعلوم الصحّة والرعاية الأوّليّة في هولندا- وفريقها البحثي أخضعوا هذا الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة للمراجعة والتدقيق. وقيموا نمط الحياة، والنظام الغذائيّ والحالة الجسمانية لحوالي ٣٥،٥٩٧ هولنديًّا من الجمعيّة الأوروبيّة للاستقصاء الاستشرافي، ضمن دراسة السرطان والتغذية، وهي واحدة من أكبر الدراسات على الإطلاق، أُجريت على مجموعة متماثلة الفئة العمريّة حول العلاقات بين النظام الغذائيّ والسرطان وغيره من الأمراض المزمنة. وجمعت معلومات هذه الدراسة من خلال استبانات عامّة، واستبانات تواتر الموادّ الغذائيّة، والفحص البدنيّ. وتولّى الفريق فيما بعد متابعة مصير هؤلاء الأشخاص، مع إيلاء اهتمام خاصّ لعدد من حالات أمراض نقص تروية القلب، على مدى 12 سنة.

 

في المجموع، اكتشفت شوو وفريقها ١٨٠٧ حالة إصابة بمرض نقص تروية القلب خلال مدة الدراسة، منها ١٥٨ حالة (أي ٨،٧٪) مميتة. ووجدوا، بعد إدخال تعديل على العمر والجنس ومؤشّر كتلة الجسم ومستوى التعليم والنشاط البدنيّ ونماذج استهلاك الدخان/الكحول ومجموعة أخرى من العوامل التي قد تكون مهمَّة، أنّ تناول كميّة كبيرة من الأحماض الدهنيّة المشبّعة أدّى إلى تقليل خطر الإصابة بمرض نقص تروية القلب بنسبة ١٧٪. وفي المقابل، أدّى إحلال الكربوهيدرات الكلية أو البروتينات الحيوانيّة محل الأحماض الدهنيّة المشبّعة إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بمرض نقص تروية القلب. وبدا على وجه الخصوص أنّ لمؤشّر الكربوهيدرات ذات نسبة السكر العالية في الدم، (تلك التي ترفع مستويات الجلوكوز في الدم أكثر من غيرها)، التأثير الأكبر.

 

عمد الباحثون أيضًا إلى فحص إمكانيّة تأثير الأحماض الدهنيّة المشبّعة، من سلسلة بأطوال مختلفة ومن مصادر غذائيّة متنوّعة، على خطر الإصابة بأمراض نقص تروية القلب؛ فلَحَظوا انخفاضًا طفيفًا لمخاطر الإصابة لدى مَن يستهلكون كمّيّات أكبر من الأحماض الدهنيّة المشبّعة لسلسلة أطوالها من القصير إلى المتوسّط، والتي كانت مصادر تناولها من الزبدة والجبن والحليب ومنتجات الألبان.

 

تظلّ شوو وفريقها غير متأكّدين من سبب اختلاف نتائج دراستهم كثيرًا عن نتائج الدراسات الأخرى. ربما يكون أحد الاحتمالات أن دراستهم لا تعتمد إلاّ على مجموعة محدودة من الأحماض الدهنيّة المشبّعة، وقد تكون العلاقات المكتشَفة لدى المجموعات السكّانيّة التي تستهلك تشكيلة أوسع من الأحماض الدهنيّة المشبّعة متعارضة.

 

ويذهب الباحثون إلى أنّه لا يزال هناك الكثير ممّا ينبغي معرفته من البيانات؛ في حين أن النتائج التي توصّلوا إليها حول الروابط بين خطر الإصابة بمرض نقص تروية القلب والأحماض الدهنيّة المشبّعة لسلسلة كربون ذات أطوال مختلفة، ستفتح سبلًا لإجراء مزيد من الأبحاث.

References

  1.  Praagman, J., Beulens, J. W. J., Alssema, M., Zock, P. L., Wanders, A. J. et al. The association between dietary saturated fatty acids and ischemic heart disease depends on the type and source of fatty acid in the European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition–Netherlands cohort. American Journal of Clinical Nutrition (2016).| article

أقرأ أيضا

الفحص الدقيق للروابط الخلويّة في مرضى قصور القلب

يساعد مجهر القوّة الذرية العلماء على تحديد أيّ من مرضى قصور القلب المزمن أكثر عرضة للمعاناة من مضاعفاته.

استكشاف الصلة بين داء السُّكَّرِيّ ومرض «كوفيد-19»

دراسةُ الكيفية التي تؤثر بها عدوى «سارس-كوف-2» في مرضى السُّكَّرِي تكشف وجود علاقة مُعَقَّدة بين الفيروس والجلوكوز الأيضي.

الوقاية من السُكَّري

التنبؤ بخطر الإصابة بالسكّري قد يُنقذ الأرواح ويوفِّر الموارد الطبية القيّمة لمن هم في أشدّ الحاجة إليها.