تتوصيل العلاج الكيميائي بأمانٍ وفاعلية أكبر باستخدام جسيماتٍ نانوية ناقلة للعقاقير

يمكن لهذه الجسيمات النانوية المغناطيسية المسامية أن تنقل  عقاقير السرطان مباشرةً إلى الأورام، مع تجنّب الإضرار بالخلايا السليمة.

يمكن للجسيمات النانوية المغناطيسية أن تنقل عقاقير السرطان إلى موقع المرض أثناء العلاج الكيميائي.Greenshoots Communications / Alamy Stock Photo

تبدو تقنية النانو واعدةً للغاية في ما يتعلَّق بتحسين علاجات السرطان، إذ يمكن أن توفِّر لنا نواقل صغيرة، قادرة على حمل العقاقير إلى مواقع الأورام ثم إطلاقها تدريجيًا. والآن، تمكَّن رضوان علي ومحمد بوجلال، الباحثان في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)، بالتعاون مع خير الدين البوبو، والذي يعمل في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، من تطوير بِنَى نانوية مغناطيسية يمكنها توصيل عقار العلاج الكيميائي "دوكسوروبيسين" Doxorubicin مباشرةً إلى الخلايا السرطانية، دون الإضرار بالخلايا السليمة.

وعن هذا الإنجاز يقول بوجلال: "تُعدّ الأنظمة المُوجَّهة لتوصيل العقاقير موضوعًا مثيرًا، نظرًا إلى قدرتها الواعدة على تعزيز الفاعلية العلاجية للعقاقير. وجسيمات أكسيد الحديد النانوية المغناطيسية متوسطة المسام (IO-MMNPs) التي طوَّرناها مؤخرًا مثيرةٌ للاهتمام بشكلٍ خاص، نظرًا إلى قدراتها على احتواء العقاقير، وانخفاض سُمِّيَتها، واستقرارها داخل الجسم."

يتطلّب إنتاج جسيماتٍ نانوية بالحجم والمسامية المثاليين عملًا مخبريًا دقيقًا. ويوضِّح علي هذا الأمر قائلًا إنَّ "التحكم في الخصائص الفيزيائية الكيميائية لإيصال الأدوية العلاجية بفاعلية يمثِّل تحديًا كبيرًا". استخدم أعضاء الفريق لهذا الغرض تقنيةً لتحضير الأحماض كي يُنتجوا كُراتٍ من السيليكا ذات مسامٍ متماثلة. ثم شبَّعوا تلك الكرات بنترات الحديد، والتي تملأ المسام بالحديد. وبعدها أزالوا السيليكا بعملية معالجة قلوية ساخنة، منتجين في النهاية جزيئاتٍ نانوية مسامية من أكسيد الحديد، مساحة أسطحها كبيرة، ويمكنها امتصاص عقار "دوكسوروبيسين" أو غيره، وتخزين هذه العقاقير.

وأضاف بوجلال مُعلقًا على هذه الطريقة: "وفَّر لنا نهج التصنيع الذي اتَّبعناه أشكالًا كروية متماثلة، ومساحات أسطح كبيرة، وبنى للمسام يمكن التحكم فيها".

وأجرى الفريق تجارب مخبرية على تقنيته، من خلال علاج مزارع الخلايا، إما باستخدام عقار "دوكسوروبيسين" دون أن يكون مُخَزنَّا في أي جسيمات، وإما بجسيماتهم النانوية المُشبَّعة بالعقار، وإما بالجسيمات وهي فارغة منه. وكشفت تلك التجارب أنَّ العقار كان مُخزَّنا بإحكام داخل تلك الجسيمات النانوية بفعل تأثيرات الكهرباء الساكنة المتبادلة، ما يعني أنَّه لم تُطلَق سوى كمياتٍ ضئيلة من العقار في بيئة الخلايا السليمة، والتي تتسم بحيادها من ناحية درجة الأُسّ الهيدروجيني، أمَّا البيئات الحمضية كتلك الموجودة في الأورام فتسبَّبت في إطلاق أكثر من نصف جرعة العقار، خلال فترةٍ تتراوح بين 24 و48 ساعة.

وأظهرت الصور المجهرية التي التقطها الباحثون أنَّ جسيماتهم النانوية تم تغليفها ضمن سيتوبلازم الخلايا تدريجيًا، ما مكَّنها من توصيل عقار "دوكسوروبيسين" بفاعلية لتدمير خلايا سرطاني القولون والثدي، وليس الخلايا السليمة. ويشير هذا إلى أنَّ علاجات الجسيمات النانوية قد تحدّ بشكلٍ كبير من الآثار الجانبية الناجمة عن عقاقير العلاج الكيميائي.

وفي النهاية، يأمل الفريق في أن يتمكَّن من حقن جسيماته النانوية وتوجيهها نحو مواقع الأورام باستخدام المجالات المغناطيسية. ويوضِّح علي هذا الأمر قائلًا: "المجالات المغناطيسية تخترق الأنسجة البيولوجية بكفاءة، لكنَّ توصيل الجسيمات النانوية باستخدام هذه المجالات ما زال قيد التطوير. وقبل أن نصل إلى هذه المرحلة، فهدفنا المباشر اختبار جسيماتنا النانوية على نماذج الفئران الحيَّة، لتقييم تأثيرها الانتقائي ذات الأثر المُسمّم للخلايا على أنواعٍ مختلفة من السرطان".

References

  1. El-Boubbou, K. et al. Iron Oxide Mesoporous Magnetic Nanostructures with High Surface Area for Enhanced and Selective Drug Delivery to Metastatic Cancer Cells. Pharmaceutics 13, 553 (2021).|  article

أقرأ أيضا

نواقل بالغة الصِّغَر لتعجيل إيصال لقاحات السرطان

لقاحات أصغر وأذكى لمكافحة مرض السرطان

اتخاذ القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يُحسّن من تشخيص سرطان الجلد

باحثون يعرضون إطار عمل لأنظمة التعرف على الصور القائمة على الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء على إجراء تشخيصات أكثر دقة.

الحدُّ من «وخز» الحقن في علاج السرطان

يحدُّ تغليف علاج السرطان داخل مكعبات دقيقة قابلة للحقن من الحاجة إلى علاجات باضعة متعددة.