الببتيد واعد في التشخيص

قريبًا، قد يكون ممكنًا تشخيص فيروس نقص المناعة البشرية بسرعة؛ بفضل أداة تشخيصية مبتكرة مبنية على الببتيد.

قراءة

©Penchan Pumila/ Alamy Stock Photo

لا يزال لفيروس العَوَز المناعي البشري (HIV)، ولمتلازمة نقص المناعة المكتسبة المرتبطة به (الإيدز)، تأثير مدمر على البشر حول العالم. وفي الآونة الأخيرة، حقق باحثون من جنوب أفريقيا ومن المملكة العربية السعودية إنجازًا في تشخيص هذا الفيروس، عبر تطوير نموذج مبدئي لأداة تشخيصية، مبنية على الببتيدات المضادة للميكروبات، تعطي أملًا في توفير تشخيص سريع ودقيق في مراكز الرعاية الصحية.

الأداة التشخيصية الأكثر شيوعًا لفيروسي العوز المناعي السائدين، HIV-1 وHIV-2، هي اختبار مُستضِد p24. يكشف هذا الاختبار عن الفيروس بالبحث عن وجود بروتين يُدعى ‘P24’، والذي يجري التعرُّف عليه بواسطة النهاية الكربوكسيلية للسلسلة عديدة الببتيد في البروتين p24. إلّا أنّه عند استخدام هذه الأداة ينتشر التشخيص الخطأ بعدم وجود إصابة بالفيروس، وذلك بسبب انسداد النهاية الكربوكسيلية للسلسلة العديدة الببتيد على يد مُستضدات بروتين p24، والتي تنشأ خلال استجابة الجسم المناعية لعدوى الفيروس. كما أنّ الحصول على النتائج يستغرق عدة أيام، لذا فإن هناك حاجة ماسة لأداة تشخيصية أكثر فاعلية.

تقول آشلي بريتوريوس -من جامعة وسترن كيب في جنوب أفريقيا-: "تضم جنوب أفريقيا أكبر عدد من المصابين بفيروس HIV في العالم، وتنفق الحكومة الملايين على العتائد المستخدمة في تشخيصه، والمستوردة من الخارج. ومع ذلك، على حد علمي، لم تُنتِج أي شركة في البلاد أي نوع من تلك العتائد". عملت آشلي على مشروع لإنتاج أداة تشخيصية جديدة، مع زملائها في جنوب أفريقيا، بالتعاون مع موسى جابري، من مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية التابع للشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني، ومع شريك صناعي (ميديكال دياغنوستيك). تقول بريتوريوس: "سيتيح لنا إنتاج عتائد محلية بتكلفة منخفضة، التعامل مع فيروس HIV ومتلازمته على نحو أكثر فاعلية مع جلب منفعة اقتصادية للبلاد".

كان الفريق بحاجة إلى تطوير أداة تشخيصية لا تعتمد على النهاية الكربوكسيلية للبروتين p24. لذا قرروا استكشاف قدرة مجموعة بروتينات فرعية تحدث طبيعيًّا في جهاز المناعة؛ تُدعى الببتيدات المضادة للميكروبات (AMPs)، بعضها أظهر قدرة على الارتباط بالنهاية الأمينية للسلسلة عديدة الببتيد لبروتين p24 الخاص بفيروس HIV. وبنى فريق بريتوريوس نماذج لتراكيب الببتيدات المضادة للميكروبات، وعدلوها لإيجاد أفضل ’متوافق‘ لبروتين p24، لضمان الكشف عن الفيروس بدقة وكفاءة في عيّنات المرضى.

تقول بريتوريوس: "نقطة الاتصال بين كل جزيئين مهمة؛ لأنّها تحدد مدى قوة ترابط الجزيئات ببعضها". وتضيف قائلة: "عندما نميّز جزيئًا -في حالة الببتيدات المضادة للميكروبات- وندرك أنه يتوافق تمامًا مع البروتين المستهدَف، نستطيع الاستبدال بالأحماض الأمينية في الأماكن الصحيحة؛ لجعل الارتباط بين الجزيئات أقوى".

أظهر نموذج الأداة التشخيصية المبنية على الببتيدات المضادة للميكروبات الذي ابتكره الفريق، والذي سُجل كبراءة اختراع، نتائج جيدة جدًّا في الاختبارات الأولية. حيث تحقق الأداة تشخيصًا دقيقًا في 15 دقيقة فقط لكلا الفيروسين HIV-1 و- HIV-2؛ ما يعني أنّه -وللمرة الأولى- بالإمكان تشخيص الإصابة بفيروس HIV بفاعلية في مراكز الرعاية الصحية.

References

  1.  Williams, M.E., Tincho, M., Gabere, M., Uys, A., Meyer, M., & Pretorius, A. Molecular validation of putative antimicrobial peptides for improved human immunodeficiency virus diagnostics via HIV protein p24. Journal of AIDS and Clinical Research | article

أقرأ أيضا

التشبُّث بالحقائق في زمن الجائحة

في خضم هذا السيل الهائل من الأخبار والنصائح والعلوم الزائفة التي تنهال علينا بوصفها حقائق، حان الوقت لكشف زيف بعض المعلومات المتعلقة بجائحة «كوفيد-19».

فيروس «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» لا يتأثر بهجمات المضادات الحيوية

دراسة تبيّن أن المضادات الحيوية الماكروليدية لا تستطيع مكافحة فيروس كورونا المسبب لـ«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» بفاعلية.

الحياة على خط المواجهة مع «كوفيد-19»

طبيب تخدير مصري مُقيم في لندن يصف الواقع الذي يعيشه العاملون في القطاع الصحي في ظل تفشي «كوفيد-19»