ثورة في مجال الأبحاث السريرية في المملكة العربية السعودية

يناقش أحمد العسكر، المدير التنفيذي لمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، مسألة استلام مركزه زمام المبادرة لتطوير التجارب السريرية في المملكة.

Ashraf Habib 2019

يتطلّع مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)  إلى تطوير مجالات الأبحاث الأساسية، واكتشاف الأدوية، والأبحاث السريرية بجميع مراحلها، بدءًا من المختبر ووصولًا إلى الأسواق، في المملكة العربية السعودية والمنطقة .

وبالفعل اشتُهر المركز بوصفه مكانًا واعدًا لإحتضان الأبحاث السريرية الآتية من الخارج برعاية شركات الأدوية العملاقة، تحت إشراف قيادة وطنية قادرة على تطوير التجارب السريرية في المملكة. ويشير أحمد العسكر، المدير التنفيذي للمركز، إلى أن ذلك مجرد بداية لإصلاح طبي كبير وإنشاء إطار بحثي قوي وشراكات دولية مختارة ومكثفة، بدعم من الحكومة.

ما زال النظام الكلّي لتطوير الأدوية والتجارب السريرية في المملكة ناشئًا، لكنه ينمو بقوة، فما مدى التقدم الذي أحرزناه على هذا الصعيد؟

تشهد المملكة تحولًا في جميع الجوانب الاقتصادية والطبية والرعاية الصحية والأبحاث والتعليم. وتماشيًا مع رؤية 2030، يصبح الاقتصاد القائم على المعرفة لازمًا، وهكذا، سرعان ما أدركنا أن البحث والتطوير الطبي والتجارب السريرية يلعبون دورًا محوريًا في تحسين الرعاية الصحية، بالتأثير المباشر في المرضى، وجعل أحدث التطورات في الصناعات الدوائية متوفرة ومُتاحة لشريحة أكبر من المرضى في المملكة. 

لقد هيَّأنا مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية لقيادة مبادرة محلية لتطوير وتنسيق عمليات إجراء التجارب السريرية وزيادة عوامل جذب الشركات الدولية إليها. كما أبرمنا اتفاقيات مختلفة مع شركاء محليين ودوليين لبناء القدرات المؤسسية الداخلية، إضافة لتمتعنا بالدعم الحكومي. فضلًا عن العمل عن كثب مع «الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية» SFDA بغرض مواءمة اللوائح والقوانين مع الوتيرة السريعة لأوضاع التجارب السريرية وإرساء مبادئ توجيهية أخلاقية. ومؤخرًا، منحتنا الهيئة أوَّل اعتماد لإنشاء وحدة التجارب السريرية من المرحلة الأولى في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، وهي الأولى من نوعها في البلاد. ونُلنا أيضًا الموافقة على مشروعنا لإجراء تجربة سريرية من المرحلة الأولى على المستوى الوطني، واختبرنا لقاح «فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية» MERS-CoV، الذي جرى تطويره بالتعاون مع جامعة أكسفورد.

ما التحديات التي واجهها مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية خلال تطوير لقاح فيروس كورونا؟

في عام 2015، شهد مستشفانا تفشيًا لعدوى فيروس كورونا، ما أسفر عن إغلاق المستشفى بضعة أيام للحدّ من انتشار العدوى، ودفع المركز لمنح الأولوية لأبحاث فيروس كورونا كمشروع استراتيجي، وعليه أرسلنا أحد علمائنا إلى جامعة أكسفورد للمشاركة في تطوير اللقاح مع العلماء هناك.

خضع اللقاح لمرحلة التجارب ما قبل السريرية المختلفة على الحيوانات، فعلى مدار ثلاث سنوات، أكملنا بنجاح تجارب اللقاح على الإبل في المملكة، وثبت أنه آمن وفعّال بصورة واعدة. ستتمثل خطوتنا التالية في توسيع نطاق هذه الدراسة لتشمل عددًا أكبر من الإبل، والانتظار فترة أطول لمعرفة مدى استمرار المناعة لديها. وقد نشرنا النتائج في دورية «ساينتفيك ريبورتس» Scientific Reports، وأُجريت أولى تجاربنا على البشر في أكسفورد أولًا. كما بدأ الجزء الثاني من التجارب البشرية في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية شهر ديسمبر الماضي.

أظهرت  دراسة أجريت عام 2019 أن ثمة سلوكيات إيجابية تجاه التجارب السريرية في المملكة، لكن مستوى الوعي بها منخفض نسبيًا. فكيف ستواجهون ذلك؟

نسعى إلى رفع مستوى الوعي بشأن أهمية التجارب السريرية، وتغيير بعض المفاهيم الخاطئة في المجتمع، كفكرة تشبيه المشارك في الدراسة بخنزير غينيا يخضع لسلسلة من الاختبارات. بدلًا من ذلك، نرجو أن ينظر الناس إليها على أنها فرصة للاستفادة من علاج لم يكن ليتوافر بطريقة أخرى.

كما دشَّنا موقعًا إلكترونيًا إعلاميًا يحوي قاعدة بيانات لما نسميه «أصدقاء الأبحاث»، يتيح لمن يرغب التسجيل كسفراء للترويج للتجارب السريرية في أوساطهم الاجتماعية.

ما المواضيع المتعلقة باكتشاف الأدوية والتجارب السريرية التي لم تأخذ حقها من الاهتمام و ترى أن مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية ينبغي أن يعطيها الأولوية ؟

حدَّدنا بالفعل عديدًا من المشاريع الاستراتيجية والأمراض، وفقًا لمدى انتشارها في البلاد، والحاجات التي لم تلبَّ بعد عمومًا، ونحن نركّز على سرطان الثدي وسرطان الدم والأورام اللمفاوية وسرطان القولون والمستقيم. وبالتأكيد يوجد اهتمام خاص بمرض السكّري، وكذلك الأمراض المعدية، مثل فيروس كورونا، ومقاوَمة مضادات الميكروبات. كما تعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية محلَّ اهتمام لدينا أيضًا، مثل مرض القلب الإقفاري، الذي يمثل سببًا شائعًا للوفاة في البلاد وجميع أنحاء العالم. ولدينا أيضًا سجّل للإصابات الرضية، إذ تعتبر حوادث الطرق أحد الأسباب الرئيسية للوفاة، خاصةً بين شباب المملكة.

ونمتلك حاليًا بنكًا حيويًا يضم أكثر من 2000 سلالة من البكتيريا متاحة للباحثين. وقررنا كذلك الاهتمام بدراسة فرط الحرارة، كالإجهاد الحراري والذي يمثل معضلة ذات عواقب صحية وخيمة على الحُجّاج.

هل نتائج التجارب السريرية وبيانات البنك الحيوي وبيانات تسلسل الجينوم مفتوحة المصدر، أو متاحة للباحثين الآخرين في جميع أنحاء المملكة؟

هي بالفعل مفتوحة المصدر، ونحن نحثّ على التعاون مع المؤسسات الأخرى داخل البلاد وخارجها، ونعمل على استقطاب العلماء المهتمين بالعمل معنا، إذ من المحتمل عدم حصول كل الجامعات على التمويل والموارد المتاحَين لمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية. وقطعًا، نحن نفتح أبوابنا للراغبين في التعاون معنا، وندعو العلماء من أصحاب السجل البحثي الناجح ليكونوا جزءًا من مركزنا، بما في ذلك منحهم وظائف بنظام التعيين المشترك.

References