تعلُّق همة المرء بالنجاح أيسر لطوال القامة

يُظهر مسح واسع لرجال ونساء بريطانيّين أنّ الاختلافات الوراثية في الطول والوزن تؤثّر على التطلّعات للوضع الاجتماعيّ الاقتصاديّ.

قراءة

©Zoonar GmbH/ Alamy Stock Photo

توصّلت جملة دراسات إلى أنّ المستويات العليا في التعليم وفي الأمن الماليّ تميل للارتباط بزيادة طول أصحابها وانخفاض مؤشّر كتلة الجسم لديهم، ويعود ذلك على ما يبدو إلى اتّباعٍ أكبرَ لحمية غذائيّة وإلى نمط حياة بشكل عام صحيّ أكثر. ومع ذلك فإن أحدث النتائج التي توصل لها عالِم الوراثة الجزيئيّة تيموثي فرايلنج، من مستشفى رويال ديفون وإكستر بالمملكة المتّحدة وزملاؤه، تشير إلى أنّ الوضع الاجتماعيّ الاقتصاديّ للفرد يمكن أن يتأثّر بفوارق فطريّة في الوزن والقامة.

وبالرغم من أنّ لارتفاع مستويات التغذية في مرحلة الطفولة تأثيرًا على الطول وعلى مؤشّر كتلة الجسم، فكلتا السمتين لها أيضًا مكوّنات وراثيّة راسخة. وبالفعل، تعرّف الباحثون على العديد من الواسمات الوراثية التي يبدو أنّها تؤثّر بشكل مباشر على هاتين الخاصيّتين الجسمانيّتين. استفاد فرايلنج وزملاؤه من البنك الحيوي بالمملكة المتّحدة، وهو مستودع ضخم لعيّنات حيوية وبيانات طبيّة حيويّة لأكثر من نصف مليون شخص. واستنادًا إلى عيّنة تناهز 120,000 من المساهمين في البنك، يأمل الفريق البحثي في تحديد إلى أي مدى قد تكون الفروق في التدرّج المهنيّ والتحصيل العلميّ والاقتصاديّ هي بالأحرى نتيجة وليست سببًا للاختلافات الجسمانيّة.

وتماشيًا مع نتائج سابقة، فإنّ الأفراد الذين كانوا أطول قامة وأظهروا انخفاضًا في مؤشّر كتلة الجسم يميلون إلى أداء أفضل من وجهة نظر اجتماعيّة اقتصاديّة. وتلقّى هؤلاء الأشخاص تعليمًا أكثر بشكل عام، وكسبوا مالًا أوفر، ولعلّهم كانوا أقدر على الاستمرار في الوظائف المتطلّبة للمهارات. وعادةً ما ينطبق هذا النموذج على الرجال والنساء.

غير أن نماذج سببيّة مثيرة للاهتمام بدأت في الظهور عندما أُخذت البيانات الوراثية في الحسبان. ويبدو أنّ الاستعداد الوراثي بين الرجال الأقصر قامة مؤشّر على انخفاض النجاح التعليميّ والمهنيّ. فعلى سبيل المثال، اقترن فارق وراثيّ في الطول بحوالي 6.3 سنتيمترات أعلى من معدّل الأطوال باحتمال أكبر للعمل في مهن تتطلب مهارة، كما اقترن فارق الطول هذا بزيادة 1580 جنيه إسترلينيّ (أي ما يعادل 2200 دولار أمريكي) في دخل الأسرة.

هذا النموذج المرتبط بالطول لم يُلحَظ بين النساء، ولكن تبدو الإناث ذوات المؤشّر المرتفع لكتلة الجسم يعانين من نكسات متكافئة في عالم العمل. وغالبًا ما تتكبّد النساء ذوات الوزن المرتفع نسبيًّا نتيجة عوامل وراثيّة عناءً في كسبهنّ؛ فقد اقترن ارتفاع قدره 4.6 كجم/م2 في مؤشّر كتلة الجسم بتراجع في دخل الأسرة قدره 2940 جنيه إسترلينيّ (أي ما يعادل 4000 دولار أمريكي). وكن أكثر عرضة لمؤشّرات أخرى من الحرمان الاجتماعيّ الاقتصاديّ، من قبيل البطالة والافتقار إلى سيّارة أو الاكتظاظ في بيوتهنّ.

وكأنّ هذه الفوارق تمثّل لدى كلّ من الرجال والنساء تَبِعات التمييز الاجتماعيّ. مع العلم أنّ العديد من المجتمعات تعتبر أنّ الرجال الأطول قامة هم أقوى وأفضل للمهامّ القياديّة، وأنّ النساء الأنحف هنّ أكثر جاذبيّة، ويمكن للمحدّدات الجينيّة لهذه السمات أن يكون لها عميق الوقع على نجاح الفرد ورخاء العيش على المدى البعيد.

References

  1. Tyrrell, J., Jones, S. E., Beaumont, R., Astley, C. M., Lovell, R. et al. Height, body mass index, and socioeconomic status: Mendelian randomisation study in UK Biobank. BMJ (2016). |article

أقرأ أيضا

فحص أفضل وأقل تكلفة للنوع الأول من داء السكري لدى الأطفال الأكثر عرضة لخطر الإصابة

يمكن لنموذج منخفض التكلفة يجمع بين عوامل الخطورة الوراثية والسريرية والمناعية أن يساعد على التنبؤ بالنوع الأول من داء السكري.

البحث عن إجابات حول التوحُّد

إن تناسخ أحد الجينات المرتبطة بالتوحُّد في القرود قد يُلقي مزيدًا من الضوء على أسباب المرض.

ما لا يقتل أسلافَك يُقوِيك

سحالي السياج التي تتعرض للضغوط تمنح أجيالها الشابة دون قصدٍ فرصًا أفضل في مواجهة المُفترِسات