عامل جديد يؤدي دورًا في التنظيم الجيني

الآلية الجزيئية التي تنظم التعبير الجيني تشتمل على جزيء معروف

قراءة

Science Photo Library/ Alamy Stock Photo

توصلت دراسة حديثة إلى أن البروتين "أكتين" الذي يُعَد بشكل عام مكوناً بنائيًّا للخلية، يسهم أيضاً في تنظيم ترجمة الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA إلى الحمض النووي الريبوزي RNA. فقد كشفت الدراسة جانباً معقداً جديداً يؤدي دورًا في تنظيم عملية النسخ، التي تُعَد أولى خطوات التعبير الجيني، من شأنه المساعدة في إلقاء الضوء على بعض الأمراض والاضطرابات غير المفهومة.

يقول الباحث الرئيسي في الدراسة بدر المزيني، بمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية: "إنه عندما يتحدث الناس عن الأكتين، فإنهم عادة ما يذكرون دوره في دعم الخلايا أو النقل أو الحركة دون الحديث عن النسخ". مضى المزيني على خطى أبحاث سابقة تشير إلى أن الأكتين ربما يؤدي دوراً في إعادة برمجة التعبير الجيني، واستخدم تقنية لعزل قطع من الحمض النووي مرتبطة بالأكتين، ثم أجرى عليها تحليلاًلمعرفة تسلسلها الجيني، ما مكَّنه من التعرف على المناطق التي يرتبط بها الأكتين في جينوم الفئران وتحديدها. توصل المزيني وفريقه البحثي إلى أن الأكتين يرتبط بعدة مناطق عبر أجزاء الجينوم مع ملاحظة وجوده بكثرة في مناطق بعينها، كتلك الواقعة بين الجينات وحول المحفِّزات التي تنظم عملية التعبير الجيني، لدعم دورها المفترض في تنظيم النسخ.

استخدم الفريق بعد ذلك خلايا تحمل أكتيناً معطلاً للتحقق من وظيفته بشكل مباشر، وركز فقط على عملية تنظيم نسخ جين الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي (rRNA)، الذي يؤدي دوراً محوريَاً في تصنيع البروتين. وجد الباحثون انخفاضاً ملحوظاً في معدلات تصنيع الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي، في أثناء غياب الأكتين. كما توصلوا إلى أن العديد من الجزيئات المشاركة في تنظيم عملية النسخ، لم ترتبط بجين الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي عند غياب الأكتين.

عندما وفر الفريق الأكتين للخلايا مرة أخرى، اتحدت الجزيئات مع جين الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي بشكل صحيح، وعادت معدلات النَّسخ إلى مستوياتها الطبيعية. يصف المزيني هذه اللحظة قائلاً: "كانت لحظة مثيرة، فقد اتسقت نتائجنا مع بعضها، وعلمنا أننا توصلنا إلى اكتشاف واضح يمكننا سرده".

دفعت هذه النتائج الباحثين إلى ترجيح وجود دور للأكتين في الربط بين العوامل المختلفة المُسهِمة في عملية النسخ، إذ يقربها من المناطق التنظيمية في الجينوم. وبمجرد وصول تلك العوامل أماكنها، تبدأ في إضافة واسمات محددة وحذفها. تُعرَف تلك الواسمات بالمعَلِّمات فوق الوراثية Epigenetic markers، وتؤثر هذه الواسمات على عملية نسخ الحمض النووي جزئيَاً بتعديل قوة التفافه حول نفسه بإحكام. ومع أن هذا النموذج تحديداً ربما يخص الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي فقط، إلا أن الفريق كشف عن دور الأكتين في تنظيم أنواع أخرى من الجينات.

علم الوراثة الفوقية Epigenetics، هو علم بازغ بين علوم الوراثة، ويدرس التغيُّرات التي تطرأ على الحمض النووي دون أي تغيير في تتابعاته الوراثية (بنيته الحلزونية).

يرى المزيني أن هذه الدراسة هي الخطوة الأولى نحو فهم الأمراض والاضطرابات. ويقول: "بالنسبة لي، الأكتين ليس هو القضية الرئيسية، فالهدف هو الآلية بأكملها بما فيها الأكتين، وعوامل أخرى مختلفة، وتعديلات فوق وراثية تتحكم في عملية النسخ". يأمل أن يساعد فهم هذه العوامل المتعددة في معرفة سبب معاناة بعض مرضى سرطان الدم من الانتكاس وعدم استجابتهم للعلاج الكيميائي بالرغم من تصنيفهم ضمن مَن يحملون نِسباً منخفضة لمخاطر الإصابة به. 

References

  1. Almuzzaini, B., Sarshad, A. A., Rahmanto, A. S., Hansson, M. L., Euler, A. V. et al. In β-actin knockouts, epigenetic reprogramming and rDNA transcription inactivation lead to growth and proliferation defects. The FASEB Journal  (2016).| article

أقرأ أيضا

كشف غموض الاضطرابات العقلية

يطرح تسلسل الحمض النووي تشخيصات وسبلاً لعلاج المرضى الذين يعانون اضطرابات عقلية غير مفسَّرة.

الارتقاء بجودة فحوص العلاج الجينيّ

يعكف الباحثون على تطوير استراتيجية لتحسين الكشف عن التلوُّث في فحوص التنشيط الجينيّ لدى الرياضيين.

عشرون طفرة جديدة تسهم في مرض وراثي نادر

كشفت دراسة جديدة عن طفرات في مرض موروث نادر يسمى "بيلة حمض البيروجلوتاميك"