13 يوليو 2017
التّصلُّب المتعدِّد حالة صحية موهنة للبدن تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتؤدي إلى الضعف، والتيبُّس ونشوء مشكلات حسّية وإدراكية. من الناحية التقليدية، يُعَد المرض أحد أمراض المناعة الذاتية، إذ يهاجم جهاز المناعة غشاء المايلين الدهني الذي يحمي الأعصاب. إلّا أنّ دراسة حديثة تشير إلى تورُّط عوامل ميكروبية مُمرِضة في نشوء المرض.
بحث كريم روما، المتخصص في علم الأحياء الدقيقة الطبي من جامعة روكفلر، وزملاؤه من جهات أخرى في الولايات المتحدة، آلية عمل عقاقير علاج التصلُّب المتعدد، أملًا في إلقاء الضوء على مسبِّبات هذه الحالة. وركّز الفريق على ثلاثة عقاقير مُثبّطة للمرض: فينجوليمود، تيريفلونوميد وثنائي-ميثيل الفومارات. تُبطئ العقاقير الثلاثة تقدُّم المرض عبر قمع جهاز المناعة أو تثبيطه، وقد تؤثر أيضًا على الجهاز الهضمي، إذ تؤخذ جميعها عن طريق الفم.
ما أثار فكرة البحث هو ملاحظة أن بعض أنواع البكتيريا تنتج موادَّ شديدة السُّمّيّة للأعصاب. لوحظ ذلك، تحديدًا، مع بكتيريا تدعى المِطَثِّيَّةُ الحاطِمَة، وعادةً ما نجدها في الماشية، وتنتج "سم إبسيلون" الذي يتموضع في موقعين مرتبطين بالتصلّب المتعدد -الحاجز الدموي الدماغي ومايلين الجهاز العصبي المركزي.
من المعروف أنّ سم إبسيلون الذي تُفرزه تلك البكتيريا يؤذي الحاجز الدموي الدماغي لدى الحيوانات المنتجة للحليب. بالمثل، يتضرر الحاجز الدموي الدماغي لدى مصابي التصلب المتعدد. يقول روما: "لم أرَ بعد سُمًّا آخر يستهدف على وجه التحديد الأنسجة ذاتها التي تضررت في التصلُّب المتعدد".
من اللافت أنّ جميع العقاقير المُستخدمة في إبطاء المرض تعيق نمو بكتيريا المطثية الحاطمة، إذ أظهرت نشاطًا واضحًا مضادًّا للبكتيريا بتراكيز مشابهة لتلك الموجودة في أمعاء الإنسان وفق الجرعات العادية الموصى بها.
من ثَم فتش الباحثون عن مركبات مرتبطة بهذه العقاقير التي قد يطابق -أو حتى يتجاوز- نشاطها، نشاط العقاقير المضاد للبكتيريا؛ مع تقليل تأثيراتها الجانبية قدر الإمكان. فوجدوا أنّ حمض جامبوجيك، وهو مركب طبيعي يستخدم في الطب الصيني، والذي يرتبط بثنائي-ميثيل الفومارات، كان فعّالًا، تحديدًا، ضد المطثية الحاطمة. وبالمثل، وجد الباحثون مركبات مضادة للبكتيريا مرتبطة بفينجوليمود، لكن مع احتمال إحداث تأثيرات جانبية أقل، إذ تفتقر إلى خصائص فينجوليمود المثبطة للمناعة.
يضع هذا البحث أمامنا استنتاجات مثيرة للاهتمام، ليس فقط فيما يخص الأسباب المُرجّحة للوقوف وراء التصلب المتعدد، وإنما فيما يتعلق بطرق علاج مبتكرة بناءً على الميكروبات المنتجة لسموم الأعصاب. ومع ذلك، وفي الوقت الحالي، علينا النظر إلى هذه النتائج باعتبارها وقتية فقط.
يقول روما: "ما أثبتناه مثير جدًّا، لكن ما هو إلا جزء صغير من أحجية كبيرة". يبحث روما وفريقه الآن عمّا إذا كان سم إبسيلون موجودًا لدى مرضى التصلب المتعدد. ويستطرد روما قائلًا: "إذا تحققنا من العلاقة السببية بين إبسيلون [والتصلب المتعدد]، فقد لا تبقى هناك حاجة لاستخدام العلاجات المضادة للالتهابات المُستخدمة حاليًّا. عندها سنعرف بالتحديد ما هي الجزيئات والمتعضيات التي سنستهدفها... فقد نستطيع وقاية الأشخاص من الإصابة بالمرض، وكذلك إيقاف تطوره لدى المصابين به".
References
Rumah, K. R., Vartanian, T. K. & Fischetti, V. A. Oral multiple sclerosis drugs inhibit the in vitro growth of epsilon toxin producing gut bacterium Clostridium perfringens. Frontiers in Cellular and Infection Microbiology (2017).| article