8 أكتوبر 2017
بفضل التقدم المطرد في تصغير الأجهزة التكنولوجية وجعلها لاسلكية، يتصور العلماء الآن مستقبلاً يستطيع فيه الأطباء جمع بيانات طبية ثمينة باستخدام مستشعرات دقيقة يبتلعها المرضى.
يُعَد الحصول على مصدر مستمر للطاقة أحد القيود التي تعوق استخدام مثل هذه الأجهزة، لكن الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وزملاءهم، برهنوا الآن على استراتيجية واعدة تحوّل في جوهرها القناة الهضمية إلى بطارية دائمة.
قد يكون ابتلاع بطارية ضارًّا بالصحة، لذا صمم الباحثون -بقيادة روبرت لانجر وأنانثا شاندراكاسان وجيوفاني ترافرسو- مستشعرًا يعمل بواسطة "خلية جلفانية حيوية". فبدلاً من الاعتماد على المواد الكيميائية السامة والمسببة للتآكل التي تحتوي عليها البطاريات، يولد الجهاز الذي ابتكروه الطاقة اللازمة بغمس زوجين من الأقطاب الكهربائية المعدنية في السائل الهضمي الحمضي المحيط بهما، مما يحفز تفاعلاً مولدًا للكهرباء.
يقول فيليب نادو -المهندس الكهربائي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا-: "إن هذه الخلايا تتيح بديلاً أكثر مأمونية وأقل تكلفة من البطاريات التقليدية". وقد سبق تقديم هذه النهوج كمفاهيم مثبتة بالأدلة، لكن لأغراض الدراسات قصيرة الأمد فحسب. أما هذه المرة فقد سعى نادو وزملاؤه إلى تطوير خلية جلفانية حيوية صالحة للاستخدام الممتد. وكان أحد التحسينات الرئيسية فيما أنجزه الفريق، اختيار مادة معمرة لصنع القطب الموجب للجهاز بحيث لا يتآكل على مدى التفاعل الكيميائي المولّد للكهرباء.
وعلى سبيل التجربة، أجروا سلسلة من الدراسات على الخنازير، مستخدمين مستشعرًا يعمل بخلية جلفانية حيوية قابلة للاستهلاك ترصد درجة حرارة الجسم. وقد أثبت الجهاز أنه معمّر بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من أنه كان عرضة لبعض التذبذبات في الكهرباء، إلا أنه استمد طاقة كافية لكي يرسل بشكل يعوَّل عليه بيانات درجة الحرارة إلى جهاز استقبال خارجي لمدة نحو ستة أيام. يقول نادو: "كان هناك قدر كبير متاح من الطاقة التي استطعنا تجميعها لمدة تصل إلى أسبوع، وقد حدث ذلك بنجاح في أثناء ممارسة الحيوان لأنشطته الروتينية الطبيعية، كالأكل والحركة".
يُعَدُّ النموذج الأولي من المستشعر الذي ابتكره الفريق صغيرًا، لكن يمكن تصغيره أكثر من ذلك وجعله أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. وسيسعى الفريق إلى إدخال مثل هذه التحسينات في النسخ المستقبلية المعدلة من الجهاز، بالإضافة إلى إخضاعه لاستقصاء مكثف على صعيد السلامة الحيوية تمهيدًا لاختباره على البشر. يعتقد نادو أن مثل هذه الأجهزة يمكن أن تقترن بأنظمة إطلاق العقاقير الخاضعة للتحكم، أو يتم تصميمها لكي تبقى في القناة الهضمية مدةً أطول لتحقيق التتبع الصحي طويل الأجل، غير الباضع. يقول نادو: "أحد التطبيقات المحتملة يتمثل في استحداث راصدة علامات حيوية يمكن ابتلاعها، وبالتالي يمكنها قياس معدل ضربات القلب والمعلومات الخاصة بالتنفس وإرسالها إلى جهاز خارجي قريب، كهاتف ذكي مثلاً".
References
Nadeau, P., El-Damak, D., Glettig, D., Kong, Y.L., Mo, S. et al. Prolonged energy harvesting for ingestible devices. Nat. Biomed. Eng. (2017).| article