24 فبراير 2019
من الصعب،على وجه التحديد،تطوير لقاحات للفيروسات التي تتألف مادتها الوراثية من حمض نووي ريبي (آر إن إيه)،كتلك المسؤولة عن الإصابة بالإنفلونزا، والإيبولا، والالتهاب الكبدي الفيروسي "سي". تشير التقديرات إلى أن متوسط معدلات التحوّر لدى فيروسات "آر إن إيه"يزيد بمئة مرةعن معدلاته لدى الفيروسات ذات الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين (دي إن إيه). ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى عدم امتلاكها آليات لإصلاح الجينوم، مما يتيح لها أن تتطور بسرعة وتجتاح النظام المناعي وتصبح مقاوِمةً للدواء. ويفسر هذاأيضًا السبب الذي يجعل اللقاحات فعَّالة في أحد مواسم الإنفلونزا–مثلًا–ثمتصبحغير فعَّالة في الموسم الذي يليه.
اخضع ماركو فيجنوزي وفريقه بمعهد باستور في باريس، نوعين مختلفين تمامًا من الفيروسات للتعديل الوراثي، بحيث أصبح كلاهما على بُعد طفرة واحدة من إنتاج إشارة يحتمل أن تكون قاتلة لهما في جزء من تسلسلهما الجيني المسؤول عن وقف تخليق البروتين، وبالتالي منع التكاثر في الخلية المضيفة.
يقول جونزالوموراتوريو-المؤلف الرئيس للدراسة التي نُشِرَت في دورية NatureMicrobiology-: "اخترعنا طريقة للتغلب عليهما بسلاحهما الخاص".
صمم مؤلفو الدراسة فيروسين يعملان بكامل طاقتيهما:الأول هو الفيروس المعوي كوكساكي بي 3، والثاني هو فيروس الإنفلونزا من الفئة "أ". يتسم الفيروسان بأن حدوث طفرة واحدة في أحد المواقعالمئةالمهمة في تسلسلهما الجيني سيهدد بقاءهمابشدة.
أُجري أولًا تقييم لمدى ضعف الفيروسات داخل الخلايا. وعلى الرغم من أن قدرة السلالات المهندسة وراثيًّا على الاستنساخ لم تختلف كثيرًا عن قدرة السلالات البرية المرجعية، فقدأبدت الأولى المزيد من الحساسية تجاه الطفرات الضَارة عند تعريضها لظروف مسببة لحدوث الطفرات، وانخفضالحِمل الفيروسيبنسبة تصل إلى واحد بالمئة.
عند اختبار الفيروسات في الفئران، وُجد أنها لم تكن أقل شراسةًفحسب، بل إنها استحثت أيضًا الجسم على إنتاج أجسام مضادة عملت على حماية الفئران من الإصابة بالسلالات البرية.
ازدادت درجة ضعف الفيروسات فيما بعد عندما قام الباحثون بهندسة نسخة معرضة للخطأ من البروتين الفيروسي المسؤول عن استنساخ الشفرة الوراثية للفيروس. إدخال بوليميراز"الآر إن إيه"منخفض الدقة هذا عجَّل من إنتاج طفرات ضارة، وزاد من إضعاف قدرة الفيروس على الإصابة بالعدوى. وأنتجت الفئران المصابة بهذه "الفيروسات الانتحارية المقصودة" أجسامًا مضادة معادِلة، استطاعت حمايتها من التحديات المميتة التي واجهتها مع السلالات البرية.
قال موراتوريو: "فوجئناكثيرًا بالنتيجة التي توصلنا إليها، بأن الفيروس الأكثر عرضةً للتحوُّر يمكن في حقيقة الأمر أن يزيد من فرص بقاء المصاب".
ومايزاليُجرى المزيدمن الأبحاث للوصول إلى فهم أفضل للاستجابة المناعية التي تستحثها هذه السلالات الفيروسية وتحديد مدى إمكانية تطبيق هذا النهج المبتكر في تطوير اللقاحات المضادة للفيروسات.
References
Moratorio, G. et al. Attenuation of RNA viruses by redirecting their evolution in sequence space. Nature Microbiology2, 17088 (2017). | article