رحلة التفشّي السريع لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الفتاكة

بالإشارة إلى أن أحد أسباب التفشّي الاستثنائي للفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية تضمّنت أحد المرضى الذي كان "ناقلًا خارقًا"، يحثُّ العلماء على تطوير نقطة رعاية إكلينيكية لاتخاذ القرار.

National Institute of Allergy and Infectious Diseases (NIAID)

 في عام 2017، تسبب أحد مرضى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) في الرياض في إصابة 16 شخص بشكل مباشر، مما أسفر عن حدوث جائحة أصابت 44 شخصًا في المنطقة المحيطة خلال فترة تجاوزت الأسبوعين بقليل. وتشير الأبحاث التي جرت مؤخرًا بشأن هذه الجائحة إلى أنه يصعب في كثير من الأحيان تشخيص الالتهاب الرئوي - وهو أحد الأعراض الرئيسة للمرض - لدى المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي وقصور القلب، مما يؤخّر بدوره اكتشاف الفيروس، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة العدوى.

 متلازمة الشرق الأوسط التنفسية هي مرض فيروسي مُدرج في قائمة أولويات منظمة الصحة العالمية للأمراض التي يجب مراقبتها عن كثب؛ نظرًا لقدرتها على التسبب في حدوث وباء. وأُكتشف المتلازمة التي يسببها أحد أنواع فيروس كورونا لأوّل مرة في عام 2012. وتنتقل العدوى عن طريق التعامل مع الجِمال أو الأشخاص المصابين، ولا يوجد علاج معروف للمرض الذي أسفر عن وفاة 35% ممن سُجِلت إصابتهم به. ومنذ سبتمبر/أيلول 2012، تسبب فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية فيما لا يقل عن 845 حالة وفاة في 27 دولة، 80% منها تقريبًا وقعت في المملكة العربية السعودية.

والتعلم من نوبات التفشّي السابقة هو في صميم تحسين عملية مكافحة العدوى. وعليه، درس فريق من الباحثين من مختلف الجامعات ومراكز البحوث التابعة لوزارة الصحة السعودية، والقسم المعني بالشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني، العوامل التي أدت إلى تفشي المرض في الرياض في عام 2017. ففي الفترة بين 31 مايو/أيّار، و15 يونيو/حزيران من ذلك في العام، سُجِلت 44 حالة إصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في ثلاثة من مراكز الرعاية الصحية، وتوفي 11 مريضًا إثر إصابتهم بالعدوى.

ومن بين إجمالي عدد المصابين، كان هناك 29 حالة في مدينة الملك سعود الطبية (KSMC)، التي تُعد أكبر مستشفيات المملكة العربية السعودية.

وبتضييق البحث على المصابين في مدينة الملك سعود الطبيّة، وصف الباحثون كيف أصبح مريضٌ واحدٌ "ناقلًا خارقًا" - وهو ما يُقصد به أن يصيب فردٌ واحدٌ عددًا من الأشخاص أكبر بكثير من المتوسط.

جرى تتبع تفشّي المرض ووجد أنه يُعزى إلى رجلٍ يمني يبلغ من العمر 46 عامًا، أمضى 14 ساعة في قسم الطوارئ بعد وصوله إلى المستشفى بسيارة الإسعاف. وقد شملت أعراضه السعال وضيق التنفس، وأشار الأطباء إلى أنه كان مُصابًا بالإسهال على مدار اليومين السابقين لوصوله، كما أشارت اختبارات الدم إلى أنه كان يعاني من الفشل الكلوي مبدئيًّا.

ومن أجل إجراء عملية غسيل الكُلَى (وهي عملية دورية لتطهير الدم، وتُجرى للمرضى الذين يعانون قصورًا في عمل الكُلى)، نُقِل الرجل إلى عنبرٍ طبي، حيث شاركه في غرفته أربعة مرضى آخرون لمدة يومين.

 لم تتحسّن حالته، وعاني من صعوبة في التنفّس واُحتُجز في وحدة العناية المركّزة. وعندها ساورت الفريق الطبي الشكوك حول إصابته بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وأكّدت عيّنة مسحة من الحلق والأنف تلك الشكوك.

عُزِل الرجل ونُقِل إلى مستشفى الأمير محمد بن عبد العزيز، وهو أحد مُستشفيات الإحالة لمرضى مدينة الملك سعود الطبيّة، حيث وافته المنية بعد 22 يومًا.

وبوضع خريطة لرحلة تنقلات المريض من سيارة الإسعاف إلى المواقع المختلفة داخل المستشفى، أظهرت الدراسة أنه تواصل على نحو مباشر مع 120 شخصًا؛ من بينهم 107 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، و13 مريضًا. وأثبتت الفحوص التي أُجريت لهؤلاء إصابة تسعة من بين 107 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وسبعة من الـ13 مريضًا بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، واستغرقت عملية السيطرة على تفشّي المرض 30 يومًا.

وهكذا، خلص الباحثون إلى أنه "في البلدان الموبوءة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ثمة حاجة مُلِحّة لتطوير نقطة رعاية إكلينيكية سريعة، من شأنها مساعدة العاملين في أقسام الطوارئ في تقييم الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، كي يتأكّدوا من عزل المرضى في الوقت المناسب والتحكم في مرضِهم الأساسي، والحيلولة دون تفشي الفيروس. كما يوصون بضرورة حصول العدد المتزايد من العاملين المغتربين في مجال الرعاية الصحيّة بالمملكة العربية السعودية على التدريب المستمر للمساعدة في منع تفشي المرض في المستقبل.

References

  1. Amer, H., Alqahtani, A., Alzoman, H., Aljerian, N. and Memish, Z. Unusual presentation of Middle East respiratory syndrome coronavirus leading to a large outbreak in Riyadh during 2017. American Journal of Infection Control 46 1022–1025 (2018).  | article

أقرأ أيضا

كيفية إصابة نوعين من الفيروسات للخلايا المضيفة أن ترشد إلى تطوير تدابير مضادة

يمكن لنظرة متعمقة حول كيفية إصابة نوعين من الفيروسات للخلايا المضيفة أن ترشد إلى تطوير تدابير مضادة.

محاربة فيروسات الآر إن إيه بسلاحها

يسلط الباحثون في فرنسا الفيروسات على نفسها عن طريق استغلال قدرتها على التحوّر والتطوّر بسرعة.

من أجل استراتيجية لمنع الالتحام الفيروسي

يمكن لنظرة متعمقة حول كيفية إصابة نوعين من الفيروسات للخلايا المضيفة أن ترشد إلى تطوير تدابير مضادة.