أدمغة المكفوفين تتكيَّف لشحذ حاسة السمع

 ضِعاف البصر يتمتَّعون بحاسة سمع حادة وقوية

Jose Daniel Cortes Seco / EyeEm/ Getty Images

توصَّل باحثون إلى أوّل دليل على زيادة مرونة القشرة السمعية لدى البشر، نتيجة لإصابتهم بالعمى أو ضعف الإبصار في مرحلة مبكرة من حياتهم.

ففي غياب البيانات البصرية، تعمُد المناطق الحسّية الوظيفية في الدماغ، مثل تلك المسؤولة عن السمع، إلى تطوير قدراتها التعزيزية، مما يزيد من حساسية السمع لدى المكفوفين على نحو يجعلهم قادرين على التقاط الفروق الدقيقة في الترددات الصوتية، بحسب دراسة نُشرت في دورية «جورنال أوف نيوروساينس» Journal of Neuroscience.

تقول أيون فاين، أستاذة علم النفس بجامعة واشنطن، والمُشرفة على هذه الدراسة: "الفوكسل عينة صغيرة من الدماغ لا يتجاوز حجمها 3 X3 X3 ملليمتر، لكنها تحوي نحو مئة ألف خلية عصبية. وقد فحصنا كل عينة من هذه العينات الصغيرة جدًا لتحديد الترددات السمعية التي تستجيب لها". 

جرى الربط عادة بين العمى المبكر وزيادة حدة السمع.

غير أن هذه الدراسة لا تقدِّم أدلة على أن المكفوفين يؤدّون المهام السمعية بكفاءة فحسب، بل أيضًا تُشير إلى أن إدراكهم الحسّي للأصوات أكثر رهافة إلى حد ما، مقارنة بغيرهم. فهم أقدر على رصد التغيرات الطفيفة في الأصوات وتتبع حركة الأجسام استنادًا إلى الصوت وحده. 

ولم تكتفِ فاين وزملاؤها بالتأكيد أن المصابين بالعمى منذ ولادتهم، أو الذين أُصيبوا به في طفولتهم، أفضل من غيرهم في التمييز بين نغمتين متشابهتين أو أكثر، بل أكدَّوا كذلك أن تلك النغمات تُمثَّل في أدمغة هؤلاء الأشخاص بطريقة مختلفة.

استخدم الباحثون تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي(fMRI)  لقياس كيفية تمثيل مجموعات الخلايا العصبية للبيانات الصوتية داخل أدمغة المشاركين في التجربة من المكفوفين والمُبصرين، برصد التغيّرات في تدفق الدم واستقلاب  الأكسجين. 

وتوضِّح فاين: "بدلًا من الاكتفاء برصد ما إذا كانت الاستجابات أكبر أو أصغر، ركزنا في الحقيقة على رصد مدى دقة وتعقيد هذا التمثيل". 

وأظهرت دراستهم أن القشرة الصوتية لدى المشاركين من المكفوفين، أصبحت أكثر قدرة على استخلاص مزيد من المعلومات من الأصوات. وهذه القدرة على رصد التغيرات الطفيفة في الترددات الصوتية دليل على وجود نوع من المرونة التعويضية.  

تقول فاين إن هذا النوع من المرونة الذي ينشأ عندما تصبح إحدى المناطق داخل الدماغ أكثر استجابة للمؤثرات كطريقة للتعويض عن وجود نقصٍ ما في منطقة أخرى، لم ينل ما يستحقه من الدراسة حتى الآن. وتوضِّح أن العلماء كانوا دائمًا أكثر افتنانًا بالمرونة ما بين الحواس، عندما تكتسب إحدى مناطق الدماغ وظائف جديدة. وتضيف فاين: "حدوث تحسّن طفيف في قدرة إحدى مناطق الدماغ على أداء وظائفها العادية ليس أمرًا مثيرًا بما يكفي". 

ويُخطّط العلماء للتعمّق أكثر في دراسة هذه الظاهرة. تقول فاين: "يتضمَّن السمع ما هو أكثر بكثير من تمييز طبقة الصوت. فهو يتضمن أيضًا أشياءً مثل جرس الصوت، وتتبع الأجسام المتحركة، والتعرف على الأجسام عن طريق الأصوات التي تصدُر عنها. ونحن مهتمّون باستكشاف كيفية تأثير العمى على كل هذه المهام المختلفة".

References

  1.  Huber, E. et al. Early Blindness Shapes Cortical Representations of Auditory Frequency within Auditory Cortex. Journal of Neuroscience 39 (26), 5143-5152 (2019) | article

أقرأ أيضا

كيف تميِّز بين خلايا نخاع العظام

تعبّر الخلايا الجذعية في نخاع العظام عن كاشفات جزيئية مختلفة، بالاعتماد على ما إذا كانت تبني العظام أو أنواعًا أخرى من الأنسجة