السالمونيلا في دائرة الضوء

دراسة تتناول الأنماط المصلية للسالمونيلا في المملكة العربية السعودية، يمكن أن تؤدي إلى تقليل الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء، وتطوير لقاح لمواجهة هذه البكتيريا.

N/A

نجحت دراسة أُجريت بقيادة مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية – كيمارك (KAIMRC) في التعرف على سلالتي «السالمونيلا الملهبة للأمعاء» S. Enteritidis و«السالمونيلا التيفية الفأرية» S. Typhimurium بوصفهما النوعين الأكثر شيوعًا في الأنماط المصلية من بكتيريا السالمونيلا التي خضعت للعلاج في أحد مستشفيات مدينة الرياض، في الفترة بين عامي 2015 و2017. وتتوافق هذه الملاحظة مع البيانات العالمية بخصوص الأنماط المصلية للسالمونيلا.

تُعدّ السالمونيلا من البكتيريا المُمرِضة، وهي من أهم أسباب الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء؛ إذ يمكن لأنواع من الأغذية مثل البيض، والدجاج، والفواكه، والخضراوات، والأطعمة المُعالجة أن تحتوي على البكتيريا. كما تشير التقارير إلى حدوث ما يُقدَّر بنحو 1,35 مليون حالة عدوى بشرية بالبكتيريا سنويًا في الولايات المتحدة، وهو ما ينتج عنه 26,500 حالة دخول إلى المستشفى و420 حالة وفاة هناك. وحتى الآن، لا تزال البيانات المتعلقة بانتشار حالات الإصابة بالسالمونيلا ونوعها في المملكة العربية السعودية نادرة.

لكن مؤخرًا، بدأ باحثون، من بينهم ماجد الغريبي وميشيل ضومِط في قسم أبحاث الأمراض المعدية التابع لكيمارك، إلى جانب زملاء لهم في كندا، معالجةَ هذه الفجوة المعرفية.

وفي ذلك الصدد، يقول تاسين ديسين، الباحث المراسل بجامعة ساسكاتشوان: "تُعد دراستنا1 الأولى من نوعها التي تبحث في انتشار الأنماط المصلية ذات الصلة بالإصابات البشرية ببكتيريا السالمونيلا في المملكة العربية السعودية، وهذه الأنماط مجموعات من البكتيريا تشترك في بنى سطحية مميزة". ويضيف: "وإلى جانب دراسات بحثية أخرى تُجرى حاليًا في قسم أبحاث الأمراض المعدية التابع لكيمارك، سوف تؤدِّي النتائج التي توصلنا إليها إلى استحداث إجراءات تدخّل ورقابة أفضل في البلاد، ما من شأنه أن يؤدِّي إلى انخفاض أعداد الإصابات البشرية وتوفير إمدادات غذائية أكثر أمانًا".

أجرى الفريق تحاليل لمئتي عينة من السالمونيلا جرى عزلها في التجارب السريرية وجمعت في الفترة بين عامي 2015 و2017 في أحد مستشفيات مدينة الرياض. وأُخِذت العينات من مرضى يعانون من أعراض تتراوح بين أمراض الجهاز الهضمي وعدوى منتشرة في الجسم كله (شاملة). واستخدم الباحثون مجموعة أدوات الاختبار السريع تسمى Check and Trace Salmonella™، ووجدوا أن نمط «السالمونيلا المُلهبة للأمعاء» كان الأكثر انتشارًا (40%)، ويليه نمط «السالمونيلا التيفية الفأرية» (13,5%)، ثم ثلاثة أنماط مصلية أخرى هي «سالمونيلا ليفينجستون» (5%) و»سالمونيلا كنتاكي« S. Kentucky و»سالمونيلا بونا« S. Poona (كلاهما بنسبة 4,5%).

وبما أن «السالمونيلا المُلهبة للأمعاء» و«السالمونيلا التيفية الفأرية» هما النمطان المصليان الأكثر شيوعًا في مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، يقول ديسين إن النتائج تتسق مع البيانات العالمية بشأن الأنماط المصلية للسالمونيلا، على الرغم من أنه ينبّه إلى ضرورة إجراء مزيد من الاختبارات استنادًا إلى البيانات التي جرى جمعها على المستوى المحلي للتأكُد من أن الوضع كذلك بالفعل.

ويقول الباحثون إنه يمكن عزو أوجه التفاوت على مستوى البلاد في انتشار الأنماط المصلية الأقل شيوعًا إلى الاختلافات في عادات الأكل، والموقع الجغرافي، والمناخ.

وفحص الفريق البحثي العينات للكشف عن وجود اثنين من المُحدِدات التي تحسم مقدار حدة الجرثومة (الفوعة)، يُعدّان من السمات المميزة للإصابة بالسالمونيلا. فيقول ديسين موضحًا: "احتوت أغلب السلالات التي فحصناها على هذين المُحدِدين اللذين يُسمّيان «SPI-1» و«SPI-2»". ويضيف: "وقد وجدنا أن المُحدِّد «SPI-2» لم يكن موجودًا في بعض السلالات التي لم تُسبِّب الإصابة بعدوى شاملة". وتتماشى هذه الملاحظة مع دراسات سابقة تشير إلى مشاركة «SPI-2» في الانتشار الشامل للبكتيريا وبقائها على قيد الحياة في الأعضاء المُضيِّفة.

من جانب آخر، يبدو أن الدور الذي يلعبه المُحدِّد «SPI-1» أقل وضوحًا. وقد ظل ذلك الدور محل نقاش بعد دراسة2 أجراها تشينجوا هو وزملاؤه أظهرت أن المُحدِّد «SPI-1» لم يكن موجودًا في سلالتين معزولتين من تفشٍ للمرض في مدينة شينجين بالصين في عام 2002.

ويمكن القول إن اكتشاف الدراسة لوجود سلالة »سالمونيلا كِنتاكي« المُقاوِمة لعقاقير متعددة للمرة الأولى في المملكة العربية السعودية مثير للقلق، ويفرض تحديات على الأطباء الذين تُعد خياراتهم فيما يتعلق بالعلاجات المتاحةمحدودةم. وعن ذلك، يقول ديسين: "من الأهمية بمكان أن أبحاثنا سوف تُمكِّننا من إنشاء قاعدة بيانات تضم خصائص المضادات الحيوية لجميع سلالات السالمونيلا في البلاد إلى جانب الأنماط المصلية المصاحبة لها".

References

  1.  Alghoribi, M. F., Doumith, M., Alrodayyan, M., Al Zayer, M., Köster, W. L. et al. , S. Enteritidis and S. Typhimurium harboring SPI-1 and SPI-2 are the predominant serotypes associated with human salmonellosis in Saudi Arabia. Frontiers in Cellular and Infection Microbiology 9:187 (2019). | article
  2.  Hu, Q., Coburn, B., Deng, W., Li, Y., Shi, X., et al. Salmonella enterica serovar Senftenberg human clinical isolates lacking SPI-1. Journal of Clininical Microbiology 46, 1330–1336 (2008). | article

أقرأ أيضا

التشبُّث بالحقائق في زمن الجائحة

من الصعب معالجة هذا الفيض الهائل من المعلومات عن فيروس كورونا الجديد «سارس-كوف-2»، المُتسبِّب في جائحة «كوفيد-19»

الحياة على خط المواجهة مع «كوفيد-19»

طبيب تخدير مصري مُقيم في لندن يصف الواقع الذي يعيشه العاملون في القطاع الصحي في ظل تفشي «كوفيد-19»

المملكة العربية السعودية تسبر أغوار جراثيمها الخارقة

أول دراسة تختبر مقاومة المضادات الحيوية، وعوامل الضراوة، والتنوع الجيني للسلالات المقاومة للعقاقير المتعددة في المملكة العربية السعودية.

المملكة العربية السعودية تسبر أغوار جراثيمها الخارقة

أول دراسة تختبر مقاومة المضادات الحيوية، وعوامل الضراوة، والتنوع الجيني للسلالات المقاومة للعقاقير المتعددة في المملكة العربية السعودية.