17 مايو 2020
حينما تتوافر عدة خططٍ علاجية لحالةٍ مرضية ما، يصبح اتخاذ قرار بشأن الخطة الأكثر فاعلية أمرًا بالغ الأهمية. وقد أجرتْ المجموعة السعودية لتجارب العناية الحرجة دراسةً جديدة مؤخرًا ربما تُسهم في منع التدخلات الطبية غير الضرورية، إذ كشفت أنَّ المرضى ذوي الحالات الحرجة الذين يتلقون عقاقيرًا للوقاية من تجلط الأوردة العميقة (الخثار الوريدي العميق) DVT لا يَجنون فائدةً إضافيّة من العلاج بالضغط الميكانيكي.
يحدث تجلط الأوردة العميقة عندما يتجلَّط الدم بالأوردة العميقة داخل الجسم، وعادةً ما يحدث ذلك في أوردة الساقين. ويمكن أن يُصاب الإنسان بتلك الجلطات نتيجة قضاء فترةٍ طويلة في حالةٍ من السكون، كما يحدث في رحلات الطيران الطويلة مثلًا، أو في أثناء الإقامة في المستشفيات. فحينما تظل الساقان ساكنتين فتراتٍ طويلة، يقلّ انقباض العضلات، وهو ما يؤدي إلى تناقص معدل تدفق الدم بالدورة الدموية، وزيادة احتمالات تكوُّن الجلطات. وقد يُسبِّب تجلط الأوردة العميقة تورمًا و/أو احمرارًا و/أو ألمًا، كما أنَّها قد تؤدي إلى مضاعفات مُهدِّدة للحياة يُطلَق عليها اسم الانصمام الرئوي، وذلك حينما تتحرّك الجلطة باتجاه الرئتين، مسببةً تلفًا رئويًا مُميتًا أو قصورًا قلبيًا محتملين.
ويقول ياسين عربي، الباحث لدى الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية، والذي قاد تلك الدراسة، إنَّ الأشخاص الذين يمكثون بالمستشفيات فتراتٍ طويلة أكثر عُرضة لخطر الإصابة بتجلط الأوردة العميقة، كما أنَّ المرضى ذوي الحالات الحرجة مُعرضون بشدة للإصابة بتلك الجلطات أكثر من غيرهم، إذ إنَّ معدل حدوثها لديهم "يبلغ نسبةً مرتفعة تصل حتى 25%" في بعض المجموعات السكانية، مما يجعلهم مجموعةً مثالية لاختبار مدى فاعلية العلاجات الواقية من تلك الجلطات.
تتبّعتْ الدراسة 2003 مرضى في وحدات العناية المركَّزة بأربع دول. وقد قُسِّمَ المرضى إلى مجموعتين. تلقت المجموعة الأولى عقار «هيبارين»Heparin ، وهو مستحضر دوائي يُستخدم عادةً للوقاية من جلطات الدم وعلاجها. وتلقّت المجموعة الثانية العقار كذلك، لكنَّها خضعت في الوقت نفسه للعلاج بتقنية الضغط الهوائي المتقطِّع، التي تُوضع فيها ساقا المريض في أكمامٍ قابلة للنفخ، تضغط الساقيْن على نحوٍ متقطع لتعزيز تدفق الدم فيهما.
وبعد مضي 28 يومًا، لم يجد الباحثون اختلافًا ذا أهمية في معدل حدوث تجلط الأوردة العميقة بين المجموعتين، ما يعني أنَّ تقنية الضغط الهوائي المتقطّع لم تقدم أي فائدةٍ إضافية للمرضى الذين يتلقون عقار «هيبارين» بالفعل. ودرس الباحثون كذلك المؤشرات الصحية الثانوية، مثل الانصمام الرئوي ومعدلات الوفاة. وتبيَّن أنَّ إضافة العلاج بالضغط الهوائي المتقطع لم تؤثر في هذه النتائج.
وشرح عربي قائلًا: "ثبتت فائدة تقنية الضغط الهوائي المتقطِّع في دراساتٍ سابقة كانت تشمل مرضى لا يتلقون عقاقير وقائيّة. أما دراستنا فتناولت بالأخص مسألة ما إذا كانت إضافة العلاج بالضغط الهوائي المتقطع تحقق أي فوائد إضافية، وقد أوضحت الدراسة عدم حدوث ذلك".
ومع أنَّ هذه النتيجة قد تبدو محبطةً، فإنَّ المعلومات التي وفرتها الدراسة قد تكون لها فوائد كبيرة بالنسبة للمرضى الذين يتلقون عقاقير الوقاية من تجلط الأوردة العميقة. فالعلاج بالضغط الهوائي المتقطع مُرهِق، ويحدّ من حركة المريض، وقد يتسبب في إصاباتٍ جلدية. ومن خلال معرفة أنَّ ذلك العلاج لن يُحقق فوائد إضافيّة، يمكن للمرضى الذين يتلقون هذه العقاقير الوقائية أن يحافظوا على جودة حياتهم بتفادي العلاجات غير الضرورية.
References
Arabi, Y.M., Al-Hameed, F., Burns, K.E.A., Mehta, S., Alsolamy, S.J. et al. Adjunctive Intermittent Pneumatic Compression for Venous Thromboprophylaxis. New England Journal of Medicine 380, 1305-1315 (2019). | article