31 مايو 2020
اكتشف الباحثون بمركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) أن الميلاتونين يُمكن أن يكون علاجًا محتملًا لفقدان الذاكرة الناجم عن نقص التروية الدماغية، وهي حالة مرضية يؤدي فيها انخفاض معدل تدفق الدم للدماغ إلى حدوث خلل بالذاكرة والوظائف الإدراكية.
ومن خلال سبر غور الآليات الجزيئية التي تربط بين نقص التروية الدماغية وفقدان الذاكرة، نجح العلماء كذلك في تحديد جزيئاتٍ أخرى يمكن أن تكون أهدافًا علاجية.
وكانت تجارب سابقة قد أظهرت بالفعل أن الميلاتونين يمكن أن يعمل على تحسين الذاكرة والتخفيف من صعوبات التعلم الناجمة عن مجموعة من الاضطرابات، من بينها اضطراب نقص التروية الدماغية، وهو مرض شائع بين كبار السن. وبناء عليه، سعى فريق بحثي لدى كيمارك بقيادة حسين الدرع، اختصاصي علم وظائف الأعضاء، إلى تسخير هذه النتيجة لتقصّي الأسس الجزيئية لفقدان الذاكرة الناجم عن نقص التروية الدماغية.
عقد الدرع بمساعدة فريقه مقارنةً بين مجموعة فئران تُعاني نقص التروية الدماغية المُستحث ومجموعة أخرى سليمة، مع معالجة بعضها بالميلاتونين لاختبار مدى فاعليته. وأكدت دراستهم أن الميلاتونين أدى إلى تحسُّن أداء الفئران في اختبارين مختلفين من اختبارات الذاكرة. صحيح أن هذا التحسُّن قد لوحظ حتى في الفئران غير المصابة بنقص التروية الدماغية، إذ كان أداؤها أفضل من الفئران العادية، إلا أن النتيجة المهمة هي أن أداء الفئران المصابة بنقص التروية الدماغية المستحث قد عاد إلى طبيعته.
يقول الدرع: "هذه ميزة مزدوجة، إذ يعمل الميلاتونين كعامل وقائي وعلاجي في الوقت ذاته، وهو ما يُمكن أن يفيد المسنين على وجه الخصوص وكذلك اختلال الذاكرة الناجم عن الإصابات".
تمثلت الخطوة التالية للفريق في قياس مستوى التعبير عن قنوات البوتاسيوم المُنشَّطة بالكالسيوم، وهي عبارة عن قنوات جزيئية في الخلايا العصبية وُجد أن لها صلة بالذاكرة والتعلم. وكشفت بيانات الفريق أن مستوى التعبير عن قنوات البوتاسيوم هذه يزيد بشدة عقب الإصابة المُستحثة بنقص التروية الدماغية، كما أدى العلاج باستخدام الميلاتونين إلى خفض التعبير عن قنوات البوتاسيوم لدى الفئران المصابة بنقص التروية الدماغية وغير المصابة به.
وأخيرًا، أوضح الفريق أن تنشيط قنوات البوتاسيوم عقب الإصابة المستحثة بنقص التروية الدماغية يحدث من خلال نشاط مجموعة من البروتينات معروفة باسم بروتينات الكيناز المنشطة بالميتوجين MAPKs. يعمل الميلاتونين على تثبيط نشاط هذه البروتينات، مما يعوقها عن رفع مستوى التعبير عن قنوات البوتاسيوم في حالة الإصابة بنقص التروية الدماغية، ومن ثمَّ يحول دون حدوث خلل في الذاكرة.
تبرهن الدراسة على أن فقدان الذاكرة الناجم عن الإصابة بنقص التروية الدماغية يتضمن زيادةً في التعبير عن قنوات البوتاسيوم عبر بروتينات الكيناز المنشطة بالميتوجين. ويمكن أن يعمل الميلاتونين على ردِّ فقدان الذاكرة هذا لدى الفئران من خلال التفاعل مع هذه البروتينات لتعطيل التعبير عن قنوات البوتاسيوم.
وهكذا، يؤدي تحديد العناصر الجزيئية المسببة لفقدان الذاكرة إثر الإصابة بنقص التروية الدماغية إلى إمكانية اكتشاف تدخلات علاجية مُحتملة في البشر.
يقول الدرع إن الانطلاق من تلك النتائج "يمكن أن يؤدي إلى التوصية باستخدام الميلاتونين كعامل وقائي ضد فقدان الذاكرة المرتبط بالسنِّ، فضلًا عن التعرُّف إلى عوامل علاجية أخرى لعيوب الذاكرة التي يسببها اضطراب نقص التروية الدماغية"، إلا أنه يُؤكد أيضًا ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث قبل بدء مرحلة التجارب السريرية.
References
- l Dera, H., Alassiri, M., Eleawa, S.M. et al. Melatonin Improves Memory Deficits in Rats with Cerebral Hypoperfusion, Possibly, Through Decreasing the Expression of Small-Conductance Ca2+-Activated K+ Channels. Neurochem Res 44, 1851–1868 (2019). | article