تحديد تسلسل الحمض النووي   يُسرع وتيرة تشخيص العدوى

قد يؤدي اكتشاف مادة وراثية مُمرِضة في سوائل الجسم إلى زيادة سرعة علاج حالات العدوى الخطيرة

قراءة

vchal/ iStock / Getty Images Plus

تُتيح تقنيةٌ تشخيصيةٌ جديدةٌ التعرُّفَ على  العوامل المُمرِضة بسرعةٍ ودقةٍ لدى المرضى المُصابين بأمراضٍ مُعديةٍ خطيرة، وهو ما يفتح المجال أمام إمكانية الوصول إلى تشخيصٍ وعلاجٍ سريعين.

والتعرُّف السريع على  العوامل المُمرِضة أمرٌ في غاية الأهمية إذ يتيح توفيرُ العلاج المناسب في وقتٍ مُبكرٍ للمرضى الذين يعانون أمراضًا مُعديةً خطيرة. غير أن التقنيات المستخدمة حاليًا في اكتشاف  العوامل المُمرِضة يَشوبها كثيرُ من أوجه القصور. فعلى سبيل المثال، يستغرقُ إنماءُ مزارع  العوامل المُمرِضة أيامًا أو حتى أسابيعَ، ومع أن اختباراتِ تفاعل البوليمراز المتسلسل (PCR) يمكنها أن تتعرَّف سريعًا عليها  ، فقد يتطلب الأمر إجراء اختبارٍ مستقلٍ لكل مُسبِّب من تلك المُسبِّبات، وهو ما يعني ضرورة الاشتباه في مُسبِّب بعينه أو الحاجة  لإجراء اختباراتٍ عديدة. 

شرع فريقٌ بقيادة تشارلز تشو -بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية– في مواجهة هذه المشكلات وبدأ تطوير اختبارٍ أكثر فاعلية يعتمد على  الجيل التالي من  التسلسل الميتاجينومي  (mNGS). ويتضمن هذا النهج تحليلَ كامل المادة الوراثية في عينةٍ من سوائل جسم المريض لتحديد العوامل المُمرِضة الموجودة بها.

يقول تشو موضحًا: "كثيرًا ما يتعذر تحديد العوامل المُمرِضة التي ينجم عنها متلازمات مُعدية إذا ما اعتمدنا على الفحص السريري الأوَّلي، كما أن نموذج التشخيص الحاليّ بطيء، ومُرهق، ومكلِّف. أما النهجُ القائم على  التسلسل الميتاجينومي فيسمحُ باكتشاف مختلف أطياف الفيروسات، والبكتيريا، والفطريات، والطفيليات، التي تُسبِّب العدوى باختبار واحد".

وقد جُمِعَت في إطار هذه الدراسة 182 عينةً من سوائل الجسم المختلفة من 160 شخصًا يعانون من أمراضٍ مُعديةٍ خطيرةٍ. كان أغلب هؤلاء المرضى قد أُودعوا المستشفيات، وكان 39% منهم في العناية المركزة. حُلِّلت هذه العينات باستخدام تقنية mNGS بهدف اكتشاف أية عوامل مُمرِضة بتلك العينات والتعرُّف عليها. وقد اكتُشف  العامل المُمرِض المسؤول عن العدوى لدى 170 عينةً من إجمالي 182 عينة، وهو ما يسمح بتقدير مدى دقة الاختبار الجديد. أما العينات الاثنتا عشرة الأخرى فكانت قد أُخذت من مرضى مصابين بعدوى مُحتملة لم تتمكن الاختباراتُ القياسية من تحديد العامل المُمرِض المسؤول  عنها.

نجح اختبارُ mNGS في التعرُّف على العامل المُمرِض بدقة لدى أكثر من 75% من حالات العدوى البكتيرية، و91% من حالات العدوى التي تُسبِّبها الفطريات، وكانت النتائج الإيجابية الزائفة قليلةٌ. كما نجح الاختبار أيضًا في تحديد العوامل المُمرِضة في سبع عيناتٍ من بين العينات الاثنتي عشرة التي كانت نتائجها في اختبارات المزرعة وتفاعل البوليمراز المتسلسل سلبيةً. وإضافةً إلى ذلك، أمكن الحصول على النتائج في غضون وقت قصير قدره 6 ساعات فقط. وتُظهِر هذه النتائج إمكانية استخدام اختبار mNGS للتسريع من وتيرة التشخيص في المستشفيات.

يقول تشو: "التشخيصُ السريع والمُبكر من شأنه أن يُؤدي إلى تحسين النتائج من خلال توفير معلوماتٍ يمكن ترجمتُها إلى إرشادات  عملية ويستدل  بها في التعامل مع الأمراض المعدية وعلاجها". ويضيف قائلًا: "نحن نعكف حاليًا على التحقُّق السريري الرسمي من الاختبار في مُختبرٍ مُرخَّصٍ سريرياً وتجاربَ  سريرية بهدف تقييم جدوى فحص سوائل الجسم في الممارسات السريرية".

موجز الخبر: ابتكر الباحثون اختبارًا سريعًا ودقيقًا للتعرُّف على العامل الممرض لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراضٍ مُعديةٍ خطيرة. ومن المُمكن أن يعمل الاختبار -الذي يتضمن تحليلًا للحمض النووي من جميع العوامل الممرضة الموجودة في عينةٍ من سوائل الجسم- على تسريع وتيرة تشخيص حالات العدوى الخطيرة في المستشفيات وعلاجها.

References

  1. Gu, W., et al. Rapid pathogen detection by metagenomic next-generation sequencing of infected body fluids. Nature Medicine 27, 115–124 (2020). | article

أقرأ أيضا

نظرة على أخلاقيات مكافحة "كوفيد-19"

تتناول دراسة حديثة التحديات الأخلاقية التي تفرضها الجائحة على مقدّمي الرعاية الصحية والباحثين الطبيين في المملكة العربية السعودية.

أدلةٌ جينية من أجل مواجهة أفضل لفيروس «سارس-كوف-2»

التسلسلاتُ الجينية للبروتين الشوكي قد تُساعد في السيطرة على وباء فيروس كورونا المستجد.

ChAdOx1: أكثر من مجرد لقاحٍ لفيروس كورونا

أحدُ لقاحات "كوفيد-19" يعتمد على تقنيةٍ ذات قابلية عالية للتكيُّف ومن شأنها توفير الحماية ضد مجموعة من الفيروسات.