أدلةٌ جينية من أجل مواجهة أفضل لفيروس «سارس-كوف-2»

التسلسلاتُ الجينية للبروتين الشوكي قد تُساعد في السيطرة على وباء فيروس كورونا المستجد.

BSIP SA / Alamy Stock Photo

يرى باحثون بجامعة الملك سعود أن الفهم الدقيق على مستوى جزيئي للمسارات التطورية لفيروس «سارس-كوف-2» المُسبِّب لمرض «كوفيد-19» وبنيته قد يُساعد في السيطرة على الأوبئة الحالية والمستقبلية ذات الصلة بفيروس كورونا.

انتشر فيروس «سارس-كوف-2» على نحو متضاعف أُسيًا، ما أسفر عن جائحةٍ عالمية لا تزال تؤثر في ملايين الأفراد عبر العالم. ويتشابه فيروس كورونا المستجد جينيًا مع فيروساتٍ أخرى تُصيب الإنسان مُسبِّبة متلازمات الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة، مثل فيروسي «سارس-كوف» و«ميرس-كوف»، كما يتشابه أيضًا مع الفيروسات التاجية التي تصيب الخفاش، مما يُوحي بأنه نشأ عن طريق فيروس تنقله الخفافيش. وأدت الزيادة المتواصلة في أعداد الإصابات إلى حدوث تعديلاتٍ جينية أنتجت مُتحوِّرات عديدة من الفيروس، جعلت من الصعوبة بمكانٍ السيطرة على الوباء.

تمكَّن الفريق البحثي مؤخرًا، تحت قيادة صالح العيفان، من ابتكار نهجٍ لتحديد التسلسل الجيني بهدف تحقيق فهم أفضل لنشوء هذه المُتحوِّرات. وقد حدَّد الباحثون الضغوط الانتقائية التي أحدثت تغييراتٍ في التسلسل الجيني المُرِّمز للبروتينات الشوكية. فالبروتينات الشوكية تُرقِّط سطح فيروس «سارس-كوف-2» وتؤدي دورًا حاسمًا في الإصابة بالعدوى من خلال تمكين جسيمات الفيروس من الارتباط الأوَّلي بالخلايا المُضيفة والاندماج معها.

وقد عقد الباحثون مقارنةً بين ثلاثة تسلسلات للبروتين الشوكي لفيروس «سارس-كوف-2» من المملكة العربية السعودية وتسلسلات البروتينات الشوكية لكلٍ من فيروس «سارس-كوف» الذي سبَّب تفشي المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة «سارس» وفيروسات تاجية شبيهة بفيروس «سارس» جُمعت من خفافيش في الفترة بين أعوام 2011 و2017 من مقاطعة يونان ومناطق أخرى بالصين. اكتشف الباحثون سبع طفرات ناتجة عن ضغطٍ تطوّري موجب على البروتين الشوكي لفيروس «سارس-كوف-2». ويُحدِثُ خمسٌ من تلك الطفرات تغيراتٍ بالأحماض الأمينية في نطاقات البروتين المسؤولة عن الارتباط بالمُستقبِلات. ويمكن أن تُعزِّز تلك الطفرات من الانجذاب إلى المُستقبِل، ومن ثم تُعزِّز من قدرة الفيروس على الانتقال، مثلما لُوحظ في B.1.1.7 المتحوِّر عن فيروس «سارس-كوف-2»، والمعروف باسم «ألفا».

وبوجهٍ عامٍ، ثمة تشابهٌ كبير بين فيروس «سارس-كوف-2» والفيروس التاجي الشبيه بفيروس «سارس» لدى الخفافيش، غير أن البروتينات الشوكية فيهما خاضت عدة تغييراتٍ في سلاسلها الأساسية الفردية. ووجد الباحثون أن البروتين الشوكي لفيروس «سارس-كوف-2» يملك هيكلاً  بنيوياً أكثر انفتاحًا وعدداً  من جزيئات عديد السكريات التي يمكن أن تُيسِّر من دخول الفيروس إلى الخلايا المُضيفة وتُوفر هدفًا محتملًا للأجسام المضادة. وإضافةً إلى ذلك، احتوت الوحدة الفرعية المسؤولة عن الاندماج عبر الغشاء على موقعٍ يمكن من خلاله كسر الروابط الببتيدية بين البروتينات بالإنزيمات البروتينية (البروتيازات)، ومن ثمَّ يمكن دراستها بوصفها هدفًا محتملًا للعقارات المضادة للفيروسات. 

ويعكف الباحثون في الوقت الحاليّ على استكشاف طرقٍ للاستفادة من تلك النتائج في ابتكار أساليب علاجية ووقائية ضد الفيروسات التاجية.

References

  1. Nour, I., et al. Molecular adaptive evolution of SARS-COV-2 spike protein in Saudi Arabia. Saudi Journal of Biological Sciences 28, 3325–3332 (2021). | article

أقرأ أيضا

نظرة على أخلاقيات مكافحة "كوفيد-19"

تتناول دراسة حديثة التحديات الأخلاقية التي تفرضها الجائحة على مقدّمي الرعاية الصحية والباحثين الطبيين في المملكة العربية السعودية. 

استكشاف الصلة بين داء السُّكَّرِيّ ومرض «كوفيد-19»

دراسةُ الكيفية التي تؤثر بها عدوى «سارس-كوف-2» في مرضى السُّكَّرِي تكشف وجود علاقة مُعَقَّدة بين الفيروس والجلوكوز الأيضي.

مكافحةُ الجائحة على جميع الجبهات

يقول نايف الحربي -أحد كبار علماء الفيروسات بالمملكة العربية السعودية- إن مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) يقف في طليعة مكافحة المملكة لمرض «كوفيد-19»