فرضت جائحة "كوفيد-19" تطبيقَ الحجر الصحي وعديدًا من القيود الأخرى. فلإدارة الأزمة وحماية المجتمعات المعرضة للخطر والحدّ من الانتشار السريع للفيروس، فرضت الحكومات الإقليمية والمحلية في جميع أنحاء العالم تدابير صارمة لمكافحة المرض والوقاية منه، من بينها الإغلاق، وحظر التجوال، ومنع السفر، وفرض ارتداء الكمامات.

ويثير بعض هذه القيود والسياسات تساؤلات أخلاقية بشأن الحريات الشخصية، والإحسان أي مراعاة مصلحة المرضى، والاستقلالية والعدالة، كما أنها تطرح مجموعة من القضايا العملية والأسئلة التأملية فيما يخص مشاركة البيانات وتتبعها، والخصوصية، والسرية، فضلًا عن التحدِّيات المتعلقة بعدم المساواة، والوصم، والتمييز، وتطبيق أخلاقيات الممارسات البحثية. 

وتناولت دراسة، نشرها مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية "كيمارك" هذا العام، شعور الباحثين والعاملين بالمستشفيات في المملكة العربية السعودية إزاء تلك التحديات، ونوعية القضايا التي يضعونها في صدارة أولوياتهم، وكيفية تعاملهم معها.

ففي الفترة بين شهري مايو وسبتمبر من عام 2020، أجرى الباحثون مقابلات مع 24 شخصًا من مقدمي الرعاية الصحية العاملين في الخطوط الأمامية، وخبراء وباحثين مختصين في مكافحة "كوفيد-19" من خلفيات مختلفة، يعملون في الرياض بمدينة الملك عبد العزيز الطبية، بما في ذلك مستشفى الملك عبد الله التخصصي، وجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية. ويقول غياث الأحمد، اختصاصي الأخلاقيات الحيوية والعالم في مركز "كيمارك"، إنّ ندرة هذا النوع من الأبحاث في العالم العربي دفعته هو وأقرانه إلى إجراء دراستهم.

وأكدت بحوث الأحمد أنه رغم اعتماد الدول على بنى تحتية صحية مختلفة ومراعاتها معايير ثقافية مختلفة، فإن التحديات الأخلاقية التي تواجه الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية للتعامل مع جائحة "كوفيد-19" تبدو واحدة.

يقول الأحمد: "يتشارك الناس هنا المخاوف نفسها، رغم اختلاف بعض وجهات النظر تجاه بضع قضايا، لا سيِّما ما يتعلق منها بالسرية واستخدام البرمجيات لتتبع الأفراد". ويضيف أنه في الوقت الذي عارض فيه بعضهم بشدة أي مساس بالبيانات الصحية الحساسة والخصوصية والسرية، رأى آخرون ضرورة تغليب مصالح الصحة العامة.

رغم ذلك، يشير الأحمد إلى محدودية نطاق هذه الدراسة والبيانات التي جُمعت خلالها، يقول: "لم نتعرّض بعد لبعض القضايا بالغة الأهمية، مثل المشكلات المتعلقة بعملية التطعيم نفسها، وتصنيع اللقاح وتوزيعه، فضلًا عن فكرة إجبار الأفراد على تلقي اللقاح، لكننا نعمل على ذلك حاليًّا".

ركّزت هذه الدراسة على القائمين على علاج "كوفيد-19" ومكافحته، لكن الأحمد يعتزم إجراء دراسة على المرضى وأسرهم.

References