18 أغسطس 2016
إن دراسة التركيب الجيني للكائن الحي تسمح لنا بتحديد الأمراض المحتمل إصابته بها، إلا أن دراسة نماذج الأيض (التمثيل الغذائي) داخل الجسم، ومعرفة مستويات نواتجه وأنواعها في وقت محدد، تقدم نظرة ثاقبة حول آليات المرض واحتمالات الاستجابة للعلاج. إن دراسة عمليات التمثيل الغذائي ونواتجه –المعروفة بالاستقلابيات- تتيح للعلماء اكتشاف التفاعل بين العوامل الوراثية والبيئة. وقد تؤدي الدراسات في هذا المجال إلى القدرة على الكشف عن المُسْتَقْلَب (ناتج الأيض) المرتبط بالمرض حتى قبل ظهور أعراضه.
"وبالتالي سيسمح علم الاستقلابيات، باتخاذ إجراءات وقائية قوية، وتطوير علاجات شخصية، ورصد النتائج"، كما يقول متخصص الكيمياء الحيوية ديفيد ويشارت، من جامعة ألبرتا في كندا.
المجال مرشح للتطور السريع؛ نظرًا لظهور تقنيات جديدة، كتصوير المستقلَبات، وكذا لسهولة الوصول إلى تقنيات تحليلية أكثر تطورًا. لقد استعرض ويشارت أحدث الأبحاث في هذا المجال التي تصف آخر التطورات والتطبيقات الناشئة.
قد يطرح علم الاستقلابيات سبلًا أكثر إنتاجية وأقل تكلفة في مجال اكتشاف الدواء. ويفسر ويشارت ذلك بأن الأمراض التي لها أسس وراثية قوية تعد قليلة نسبيًّا، وأن الجينات المرتبطة بالأمراض قد لا تكون قابلة للاستهداف بالدواء، بينما على الصعيد الآخر "مع استمرار اكتشاف المزيد من المؤشرات الحيوية الأيضية، فإن توقع الإصابة بالأمراض أو التشخيص المبكر جدًّا لها يصبح ممكنًا، وذلك في أمراض مثل السكري، وأمراض الكلى، وتسمم الحمل، وأمراض القلب، وسرطان القولون، وألزهايمر".
تساعد المستقلَبات على فهم الأسباب الكامنة وراء الأمراض، واسكتشاف طرق علاجية غير متوقعة. في بعض الحالات، قد يكون الحل العلاجي بسيطًا، فمثلًا قد يكون الحل في تصحيح مستويات مستقلَب محدد بتناوُل مكملات غذائية.
يمكن أيضًا استغلال علم الاستقلابيات للكشف عن أفضل المستجيبين لدواء ما في أثناء التجارب السريرية، وكذلك رصد الاستجابات السلبية، مما قد يساعد في تحسين التجارب السريرية وتقليص الوقت اللازم لوصول الأدوية الجديدة إلى الأسواق.
فحوصات حديثي الولادة القائمة على علم الاستقلابيات واحدة من أكثر الأمثلة نجاحًا في مجال الطب الشخصي. فاختبار "وخز الكعب الوليدي"، الذي يُجرى على عينة دم من طفل حديث الولادة، للكشف عن مُستَقلَبات محددة، يسمح باكتشاف تسعة أمراض نادرة ولكنها خطيرة، مثل قصور الغدة الدرقية الخلقي والتليف الكيسي.
تتسم العديد من السرطانات بنماذج استقلابية مختلفة. لذا فإن استخدام علم الاستقلابيات لتمييز الأورام يبشر بتصميم علاجات مخصصة لكل نوع من أنواع السرطانات.
وفي ظل ظهور المزيد من التقنيات الحساسة، سيستمر التحسن في عمليات التعرُّف على نواتج الاستقلاب وتحديدها. من ناحيته، يؤمن ويشارت بأن الإنجاز الكبير المقبل سيكون تطوير قواعد بيانات وبرمجيات تسمح بتحديد أكثر من 10 آلاف مستقلَب بواسطة تشغيلة واحدة لجهاز قياس الطيف الكتلي.
References
- Wishart, D. S. Emerging applications of metabolomics in drug discovery and precision medicine. Nature Reviews Drug Discovery (2016).| article