التربُّص بالعدوى اللاحقة للسكتة الدماغية

تؤثّر السكتة الدماغية الناجمة عن إعاقة تدفُّق الدم إلى الدماغ على جهاز المناعة بشدّة، والذي يجعل المرضى شديدي العُرضة للإصابة بأنواع من العدوى قد تكون قاتلة. لم تُفهَم الآليات الخلوية والجزيئية التي تُضعف جهاز المناعة عقب الإصابة بسكتة دماغية فهمًا تامًّا.

مؤخرًا، كشف فريق من الباحثين مكوّن من كوني وونج وبول كيوبس وزملائهما من جامعة موناش بملبورن في أستراليا وجامعة كالجاري بكندا¹، تفاصيل مهمة تبيّن كيف تحدث السكتة الدماغية تحوُّلًا كبيرًا في نشاط خلايا مناعية متخصصة تُسمى "الخلايا التائية القاتلة الطبيعية الثابتة" (iNKT cells). 

تقول وونج: "تقترح النظرية أنّ الدماغ يثبّط جهاز المناعة بعد الإصابة بسكتة دماغية لحماية نفسه من التهابات هائلة"، وتتابع: "ولكن من التأثيرات الجانبية لتفعيل المسارات المضادة للالتهاب، زيادة القابلية للإصابة بالعدوى".

في عمل سابق على الحيوانات²، بيّن فريق الباحثين أنّ خلايا iNKT تؤدي وظيفة مهمة في تنظيم استجابة الجسم للعدوى بعد الإصابة بالسكتة الدماغية. وللبحث عمّا إذا كان نشاط تلك الخلايا يتأثر لدى الإنسان أيضًا عقب الإصابة بسكتة دماغية، جمع الباحثون عيّنات دم من 36 مريضًا عند دخولهم للمستشفى في مرات مختلفة، وأجروا مسحًا لتعقُّب إصابتهم بأي عدوى مثل التهاب الرئة أو التهاب النسيج الخلوي أو التهاب المسالك البولية.

أظهرت نتائج فحوص الدم أنّ خلايا iNKT كانت أكثر نشاطًا بثلاثة أضعاف لدى مرضى السكتة الدماغية مقارنة بالأصحاء. وكان ذلك مرتبطًا بإنتاج متزايد للسيتوكين المضاد للالتهاب، ويُدعى إنترلوكين-10، مؤديًا بذلك إلى تثبيط جهاز المناعة وجعل الجسم أكثر عرضةً للإصابة بعدوى بكتيرية. لقد شوهد هذا التحوّل المناعي في خلايا iNKT في الدم وفي الكبد، وعادةً ما استمرّ ذلك حتى ثلاثة أشهر عقب الإصابة بالسكتة الدماغية الأولية.

تتوافق هذه النتائج مع النظرية العامة المنبثقة لتوضح أنّ تلف الدماغ اللاحق للسكتة الدماغية ليس مرتبطًا بالعمليات المُخيّة فحسب، بل تتّسع الدائرة أكثر لتشمل تدخُّل الجهاز المناعي. علاوة على ذلك، قد تكون العلاجات التي تستهدف خلايا iNKT واعدةً كعلاجات بديلة للمضادات الحيوية التي تستهدف أنواع العدوى اللاحقة للسكتة الدماغية، خاصةً في ظل تزايد مشكلة مقاومة العوامِل المُمْرِضة للمضادات الحيوية.

تقول وونج: "في المستقبل، سنقدّر كفاءة العوامل المبتكرة التي تستهدف خلايا iNKT وتُعدّلها، بغية عكس العجز المناعي لدى مرضى السكتة الدماغية".

يستنتج الباحثون في دراستهم التي نُشِرَت في مجلة Frontiers in Neurology، أن العلاجات المناعية التي تُقوي جهاز المناعة لمكافحة العدوى هي مضمار جذاب للبحث، لكنّهم ينوّهون بضرورة الحذر لضمان تجنُّب أي إصابات مُخّية إضافية. 

References