تحديد الأسباب الجذرية في إعاقة النمو

بيانات مجمعة حول خصائص طفرات تسمح للباحثين بالتركيز على نطاق بروتيني محدد يؤدي دوراً جوهرياً في النمو العصبي لدى البشر

N/A

تتعدد الطرق التي قد تتسبب بها طفرة ما -حتى وإن كانت صغيرة- في إحداث مشكلات جسيمة في نمو عضو معقد كالدماغ. واليوم يكشف تحليل جيني لأطفال مولودين بمشكلات في الجهاز العصبي، كيف تتسبب الاضطرابات الوراثية المختلفة في تعطيل مؤثر لبروتين يؤدي دورًا مهمًّا في تكوين الدماغ.

يساعد بروتين يسمى DYRK1A على تنظيم عملية التعبير الجيني لجينات رئيسية تشارك في نمو الجهاز العصبي. وقد يكون لفقد إحدى نسختي الجين الذي يرمز لهذا البروتين عواقب وخيمة بالجهاز العصبي تتضمن الإصابة بنوبات الصرع، والتوحُّد، والإعاقة الذهنية. وللوصول إلى فهم أفضل لأهمية هذا البروتين، قام فريق من الباحثين بقيادة كارولاين رايت من معهد "ويلكوم تراست سانجر" بالمملكة المتحدة، بإمعان النظر في بيانات وراثية جُمعت في دراسة "فك رموز اضطرابات النمو" (DDD).

بيانات الدراسة التي نسقتها رايت، تعطي لمحة عن الخصائص الوراثية لآلاف الأطفال المصابين باضطرابات في النمو العصبي وآبائهم الأصحاء، للتركيز على الطفرات المحتملة المسبِّبة لتلك الاضطرابات. وجد الباحثون أن 0.5% من هؤلاء الأطفال لديهم طفرات في الجين الذي يرمز للبروتينDYRK1A . وكان هؤلاء الأطفال جميعهم يعانون إعاقات ذهنية، كما أن الغالبية العظمى منهم كانت لديهم أيضًا مشكلات ملحوظة في النمو الجسدي مثل صغر حجم الرأس؛ وهو صغر غير طبيعي في حجم الجمجمة.

ثم حدد فريق رايت بعد ذلك أنماط الطفرات المختلفة التي حملها هؤلاء الأطفال في البروتين DYRK1A. واتضح أن أربع عشرة طفرة منها من أصل تسع عشرة كانت طفرات مدمرة، لدرجة قد تصل إلى إنهاء إنتاج البروتين بالكامل. ولكن الطفرات الخمس الأخرى كانت أكثر غموضًا، واستطاع الباحثون فيما بعد تحديد هذه الطفرات بربطها بمختلف النطاقات الوظيفية للبروتين DYRK1A.

البروتين DYRK1A هو إنزيم ينقل مجموعة الفوسفات الكيميائية من جزيء يسمى أدينوسين ثلاثي الفوسفات ATP إلى بروتينات أخرى مستهدفة. وأثرت الطفرات الخمس كلها بصورة ما على "نطاق الكاينيز" للإنزيم الذي يُسهل عملية النقل هذه. وأحدثت بعض الطفرات تأثيرات واضحة، مثل تعطيل ربط جزيء أدينوسين ثلاثي الفوسفات، كما صاحبتها اضطرابات في النمو أشد قوة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الطفرات الأخرى، التي سببت آثارًا غير مباشرة -بنفس القدر- على وظيفة البروتين DYRK1A عن طريق زعزعة استقرار بنية البروتين قليلًا، صاحبتها اضطرابات أخف.

وبعد ذلك درس الباحثون عددًا كبيرًا من المتغيرات الجينية للجين DYRK1A المسجلة سابقًا. والجدير بالذكر أن المتغيرات الجينية التي لم تصاحبها آثار مرضية قلما وُجِدَ بها طفرات في "نطاق الكاينيز"، وذلك لدى المقارنة بتلك التي صاحبتها مشكلات في النمو. ما زالت وظيفة البروتين DYRK1A غير مفهومة تمامًا، إلا أن هذه النتائج تكشف الدور الدقيق الذي يؤديه نشاط الكاينيز الخاص بهذا الإنزيم في نمو الدماغ، ويقترح الباحثون  أن تسهم طفرات مماثلة في إنزيمات كاينيز ذات صلة في حدوث أمراض أخرى أيضًا.

References

  1. Evers, J.M., Laskowski, R.A., Bertolli, M., Clayton-Smith, J., Deshpande, C. et al. Structural analysis of pathogenic mutations in the DYRK1A gene in patients with developmental disorders. Hum. Mol. Genet.  (2017).| article

أقرأ أيضا

فحص أفضل وأقل تكلفة للنوع الأول من داء السكري لدى الأطفال الأكثر عرضة لخطر الإصابة

يمكن لنموذج منخفض التكلفة يجمع بين عوامل الخطورة الوراثية والسريرية والمناعية أن يساعد على التنبؤ بالنوع الأول من داء السكري.

فرصة الفرد ضئيلة للغاية في مواجهة صفاته الوراثية في لعبة الوزن

الحفاظ على الرشاقة ربما لا يتوقف على قوة الإرادة وحدها. فقد أظهرت دراسة حديثة أن الاحتفاظ بوزن صحي يمكن أن يكون مرهونًا بالعوامل الوراثية.

ما لا يقتل أسلافَك يُقوِيك

سحالي السياج التي تتعرض للضغوط تمنح أجيالها الشابة دون قصدٍ فرصًا أفضل في مواجهة المُفترِسات