التنقيب في البيانات الضخمة يسلط الضوء على أهمية "الحمض النووي غير المشفر"

يشير بحث استكشافي باستخدام المعلوماتية الحيوية إلى أن "الحمض النووي غير المشفر" يؤدي دورًا مهمًّا في المراحل المبكرة من التطور الجنيني وكذلك تطور الأنواع.

PHOTO STOCK ALAMY / SCIENCE NOBEASTSOFIERCE 

أجرى عالِم فيزياء تحوَّل إلى دراسة المعلوماتية الحيوية من جامعة ولاية ساوث داكوتا في الولايات المتحدة دراسةً واسعة النطاق، بالتنقيب في البيانات الجينومية؛ من أجل التوصل إلى أفكار حول التطور الجنيني في المراحل الأولى. وتشير النتائج التي توصل إليها إلى أن المكوِّنات الجينية التي يُطلَق عليها العناصر القابلة للنقل (أو العناصر القافزة) تؤدي دورًا مهمًّا في التطور المبكر، وأنه يجب إجراء المزيد من البحث والاستقصاء عنها.

يحتوي جينوم الكائن الحي على جميع المعلومات اللازمة لتكوينه. وتستخدم بعض المكوِّنات الجينية، مثل العناصر القابلة للنقل، آليةَ نسخ ولصق من أجل مضاعفة نفسها والتحرك داخل الجينوم. وتمثل هذه العناصر أقل قليلًا من 50% من الجينوم البشري، لكن على مدار عدة سنوات تجاهلها بعض العلماء باعتبارها "حمضًا نوويًّا غير مشفر" مهمته سد الفراغ فحسب. غير أن هذه الدراسة التي أجراها زايجن جو في جامعة ساوث داكوتا تدعم دراسات حديثة أخرى تقول بأن الحقيقة هي عكس ذلك؛ فالعناصر القابلة للنقل في حقيقة الأمر أساسية للتطور والارتقاء.

أجرى الباحث جو بحثًا استكشافيًّا باستخدام المعلوماتية الحيوية في بيانات جينومية ضخمة من دراسات عن التطور الجنيني في المراحل المبكرة. وركز اهتمامه تحديدًا على تنظيم الجينات في أجنة الفئران قبل استزراعها.

ويقول جو: "على مدار سنتين، أمضيت وقت فراغي في استخدام جميع أدوات المعلوماتية الحيوية المتاحة وبياناتها، لا سيما بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي في الخلايا الفردية؛ لفهم كيفية تطور الأجنة في المراحل الأولى من البويضات الملقحة. وفي ظل توافُر هذا الكم الهائل من البيانات الجينومية، ثمة الكثير من المعلومات التي يمكننا استخلاصها من خلال إعادة تحليل هذه البيانات".

وخلافًا للأبحاث التقليدية التي تحركها فرضيات محددة، يتيح البحث الاستكشافي باستخدام المعلوماتية الحيوية للبيانات أن تكشف ما لدى تلك البيانات من أسرار، مما يساعد العلماء على تحديد إطار أسئلة البحث المستقبلية. ومن خلال فحص مجموعات بيانات متعددة لتسلسل الحمض النووي الريبي، وجد جو أن نَسخ العناصر القابلة للنقل -وهي عملية ترجمة معلوماتها الجينية- يمكن أن يؤثر مباشرةً في التعبير الجيني للجينات المجاورة، ومن ثم يؤثر على ديناميكيات التعبير الجيني في المراحل المبكرة للأجنة. وحدَّد جو أيضًا البروتينات المُنظّمة المحتملة التي ترتبط بأنماط الحمض النووي التي توفرها العناصر القابلة للنقل.

ويضيف جو: "إن العناصر القابلة للنقل ضرورية لتشكيل الشبكات التنظيمية للجينات في أثناء التطور؛ إذ إنها توفر آلية نسخ ولصق من أجل إعادة استخدام المنطق الجيني وإعادة تشكيله، على غرار الطريقة التي يتبعها مبرمجو الكمبيوتر لنسخ الأكواد القديمة ومراجعتها. ويمكن للعناصر القابلة للنقل أن تسبب طفرات ضارة، لكنها تعزز كثيرًا التنوع الجيني في المجموعة، وربما تكون ضرورية للتكيُّف والبقاء، لا سيما بالنسبة للأنواع التي تتكاثر ببطء".

ويدعو جو إلى إجراء دراسات جديدة موجهة، تعتمد على الأفكار الثاقبة التي توصلنا إليها من المعلوماتية الحيوية. ويقول: "لقد كان هدفي في نهاية المطاف هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأفكار القابلة للتطبيق من البيانات الموجودة بالفعل، حتى يتسنى للعلماء رسم صورة أكثر اكتمالًا للمراحل المبكرة من التطور الجنيني".

References

  1. Ge, S.X. Exploratory bioinformatics investigation reveals importance of ‘junk’ DNA in early embryo development. BMC Genomics18:200  | article

أقرأ أيضا

قص بطانة المعدة لمكافحة الدهون 

بحثٌ يشير إلى أن استهداف بطانة المعدة قد يساعد في تخفيف حدة السمنة.

طريقة ذكيّة للتغلّب على الحرارة

باحثو مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية يطوِّرون نظامًا يمكنه تنظيم درجة حرارة الجسم في الوقت الفعلي، للمساعدة على علاج مرضى ضربة الشمس.

مجالٌ للتوسع في استخدام الأدوات الرقميّة في نظام الرعاية الصحية السعودي

دراسة على العاملين في نظام الرعاية الصحيّة السعوديّ تكشف عزوفهم عن استخدام الهواتف المحمولة لأغراض العمل، رغم ارتفاع معدَّلات انتشارها.