الدعم الأُسري يُعجِّل بالتعافي من الإصابات

الروابط الأسرية تلعب دورًا محوريًا في التعافي بنجاحٍ من الإصابات التي قد تؤدي إلى إعاقة مؤقتة أو مُستديمة.

zms/ Stock / Getty Images Plus

تلعب الروابط الأُسرية القوية دورًا مُهمًا في تحسين قدرتنا على التعافي من الإصابات الخطيرة، وفقًا لدراسة جديدة أجراها مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك).

وتُعد الإصابات، الناجمة بشكل أساسي عن حوادث الطرق، السببَ الرئيسي الثاني للوفاة في المملكة العربية السعودية. ورغم أن معدلات الوفيات تشهد انخفاضًا بسبب تحسُّن خدمات العلاج، فإن أعداد الأشخاص الذين يُغادرون المستشفيات وهم مصابون بشكل من أشكال الإعاقة آخذة في الازدياد. تقول سارة المرواني، الباحثة بكيمارك: "تحديد العوامل التي تؤثر في التعافي من الإعاقة طويلة الأمد بعد التعرّض للإصابة، أمر بالغ الأهمية في توجيه خطط التدخلات العلاجية التي تهدف إلى تحسين النتائج المُترتبة على الإصابة الرضية".

وكانت الدراسات السابقة قد حدَّدت مجموعةً من العوامل التي تؤثر في إعادة التأهيل بعد التعرض للإصابة؛ بما في ذلك السن ونوع الإعاقة والدعم الأُسري. وسعيًا منها للتعرُّف إلى دور التماسك الأسري في تعافي المرضى بالمملكة العربية السعودية، أجرت المرواني وزملاؤها مقابلاتٍ مع 249 شخصًا بالغًا أُودعوا المستشفى في مدينة الملك عبد العزيز الطبية عقب تعرض كل منهم لإصابة رضية حادة. 

وفي المقابلة الأولى، سأل الباحثون المرضى في المستشفى عن مهنتهم ودخلهم وحالتهم الاجتماعية وجودة حياتهم قبل تعرضهم للإصابة، باستخدام مقياس الإعاقة المعتمد (EQ-5D-5L). كما استخدموا مقياس الدعم الأُسري لتقدير قوة العلاقة بين المريض وأسرته المباشرة وتقييم التماسك الأُسري. وحدَّد الباحثون مدى تعافي هؤلاء المرضى عبر مقابلة المتابعة، أُجرِيت معهم بعد مغادرتهم المستشفى بثلاثة أشهر.

وقد وجدوا أن المرضى الذين يعانون من ضعف التماسك الأُسري عبَّروا في المقابلة الأولى عن مستويات أكبر من الإعاقة، إذ أفادوا أنهم يعانون مزيدًا من الألم، وصعوباتٍ في التنقل والرعاية الذاتية، وعجزًا عن أداء أنشطة مُعتادة كالقيادة والأعمال المنزلية، بالإضافة إلى شعورهم بمستويات أعلى بكثير من الاكتئاب والقلق، مقارنةً بأولئك الذين يتمتعون بروابط أُسرية أقوى.

وبعد انقضاء ثلاثة أشهر، شارك 165 مريضًا في مقابلة المتابعة. واستمر معظمهم (88%) في الشكوى من الإعاقة، إذ أفاد قُرابة 75% منهم أنهم يشعرون بالألم أو عدم الراحة، وقال 50% منهم أنهم يجدون مشقةً في أداء الأنشطة المعتادة. ومع ذلك، كان المرضى الذين يعانون من ضعف التماسك الأسري أقل استعدادًا على -نحوٍ لافتٍ- للتعافي من الاكتئاب أو الشعور بتحسُّنٍ في قدرتهم على التنقل، بصرف النظر عن السن أو الجنس أو مدة المكوث بالمستشفى.

تقول المرواني: "جاءت نتائجنا متوافقة مع دراسات أخرى أشارت إلى أن الدعم الأُسري القوي له تأثير إيجابي في التعافي الجسدي والعقلي بعد الإصابة".

وبالتعرُّف إلى المرضى الذين يعانون من تماسك أُسري دون المستوى الأمثل في المستشفيات، قد يكون من الممكن تقديم الإرشاد والدعم الإضافي لهم، بهدف تقوية الروابط العاطفية مع أفراد الأُسرة لمساعدتهم في تحسين قدرتهم على التعافي.

وفي ضوء نتائج الدراسة، تدعو المرواني إلى مزيدٍ من الاستثمار في مجال الوقاية من حوادث الطرق، وزيادة الوعي بين مقدّمي خدمات الرعاية الصحية بخصوص دور التماسك الأسري والصحة العقلية في خدمات رعاية ما بعد الإصابة الرضية، إلى جانب إتاحة مزيد من مراكز إعادة التأهيل وتوفير إرشادات الصحة العامة من أجل تخفيف عبء الإصابات.

References

  1. Almarwani, S. M., et al. The association between family cohesion and disability following blunt trauma: findings from a level-I trauma center in Saudi Arabia. Injury epidemiology, 7, 40 (2020)

     | article

أقرأ أيضا

 مغادرة المستشفى لا تعني انتهاء تأثير مرض "كوفيد-19"

المرضى الذين عانوا بشدة من مرض "كوفيد-19" أمامهم طريقٌ طويل للوصول إلى مرحلة التعافي التام من المرض بعد مغادرة المستشفى

ترجمة استبيانٍ لقياس رضاء المرضى عن مضادات التجلط إلى العربية

يمكن وضع تقييم شامل لجودة حياة المرضى العرب الذين يُعالَجون فتراتٍ طويلة بالعقاقير المضادة لتجلّط الدم، من خلال هذه النسخة المترجَمة من مقياسٍ دولي لمدى رضاء المرضى.

تحسين نُظُم علاج سرطان الدم الليمفاوي الحاد لدى الأطفال

كشفت دراسة متعددة الجنسيات أن الجمع ما بين العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي قبل زراعة الخلايا الجذعية المكوّنة  للدم ، يُحسّن فرص نجاة الأطفال المصابين بسرطان الدم الليمفاوي الحاد، مقارنةً بالعلاج الكيميائي متعدد العوامل وحده.