دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة حول عوامل جينية مُحتملة تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

بينما يتسابق الباحثون لتحديد عوامل التنبؤ بشدة الإصابة بمرض «كوفيد-19» وسُبُل العلاج المحتملة، جاءت نتائج دراسة حديثة لتُناقض ما توصَّلت إليه دراسة سابقة بخصوص وجود علاقة بين التغيرات الجينية وشدة الإصابة بـ«كوفيد-19».

في شهر أكتوبر عام 2020، أظهرت دراسةٌ بحثية كبيرة متعددة الجنسيات بقيادة تشيان جانج -من جامعة روكفلر في نيويورك- أن بعض حالات الإصابة الشديدة بمرض «كوفيد-19» قد ترجع إلى حدوث طفرات وراثية في جينات تُنظِّم مساراتٍ مهمة بالجهاز المناعي. ونُفِّذت دراسة بحثية تعاونية كبيرة أخرى باستخدام البيانات المتاحة لدى أربعة بنوك حيوية مستقلة من جميع أنحاء العالم، في محاولة لتكرار نتائج الدراسة الأصلية، لكنّ الباحثين المشاركين وجدوا أن تلك النتائج لم تصمد. فالتحليل الجديد لم يرصد أي ارتباط بين شدة الإصابة بـ«كوفيد-19» والطفرات التي تحدث في الجينات التي أشارت إليها الدراسة السابقة.

تتكون الإنترفيرونات من النوع الأول (Type I IFN) من عديدات الببتيدات التي تُفرزها الخلايا المُصابة بالعدوى التي تعمل على تنظيم عناصر مناعية مختلفة. ويمكن أن تؤدِّي الطفرات الموروثة في الجينات التي تُشفِّر البروتينات أو عديدات الببتيدات -مثل تلك التي تلعب دورًا في المناعة المعتمدة على الإنترفيرون من النوع الأول- إلى إنتاج بروتينات غير وظيفية. في دراسة جانج وزملائها، تعرَّف الباحثون على 13 متغيرًا في الجينات المرتبطة بالإنترفيرون من النوع الأول، التي كان متوقعًا أنها تتسبَّب في فقدان الوظيفة، وقدَّروا أن نسبةً تصل إلى 3.5% من حالات الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19» يمكن ربطها بالتغيرات في تلك الجينات الثلاثة عشر.

عقب ذلك، جمع 52 باحثًا من ست دولٍ بياناتٍ عن 1864 مشاركًا من المصابين بمرض «كوفيد-19» -713 حالة إصابة شديدة، و1151 حالة إصابة خفيفة- و15,033 من الأفراد الأصحاء. حصل الباحثون على البيانات الجينومية وبيانات الإكسوم من بنوكٍ حيوية في الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة العربية السعودية، وقطر. ولم يجد الباحثون في تلك البيانات سوى حالةٍ واحدة لأحد المتغيرات الثلاثة عشر التي سبق اكتشافها، وتوقَّع الباحثون ارتباطها بفقدان الوظيفة، كما لم يلحظوا زيادةً في معدل ظهور المتغيرات المرتبطة بفقدان الوظيفة المتوقع في حالات الإصابة الشديدة بمرض «كوفيد-19»، مقارنةً بحالات الإصابة الخفيفة أو لدى الأفراد غير المصابين.

وفي تلك الدراسة التي أجروها في شهر مايو عام 2021، ذكر الباحثون أن نتائجهم قد تأكدت بواسطة تحليل آخر أُجري على بياناتٍ من البنك الحيوي البريطاني -وتضمن مقارنة بين 1184 حالة إصابة بمرض «كوفيد-19» و422,318 من الأفراد الأصحاء، باعتبارهم المجموعة الضابطة- وأظهر "عدم وجود ارتباط بين المتغيرات المرتبطة [بفقدان الوظيفة المتوقع] في تلك الجينات" وحالات الإصابة الشديدة.

تقول منال العامري -الباحثة في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية والتي شاركت في الدراسة- إن "جمال هذه الدراسة يكمن في قوة التعاون" سواء على المستوى الوطني، داخل المملكة العربية السعودية، أو على المستوى الدولي. وقد خلُص الفريق في هذا البحث إلى أن الدراسات التي تُجرَى في هذا السياق لا بدَّ أن تتبع مبادئ صارمة في تصميمها، ولا بدَّ أن تُراعي بدقة أثر الاختلافات الوراثية بين الأسلاف، لأنها تؤثِّر بشدة في معدل ظهور التغيرات الجينية. وسوف تواصل مشروعات بحثية إضافية استقصاء العلاقة بين «كوفيد-19» وعلم الجينات، وربما تكشف عن أهداف علاجية محتملة.

References

  1. Povysil, G., et al. Rare loss-of-function variants in type I IFN immunity genes are not associated 1 with severe COVID-19. Journal of Clinical Investigation 131, e147834 (2021) Zhang Q et al. Inborn errors of type I IFN immunity in patients with life-threatening COVID-19. Science 370, eabd4570 (2020). article 

أقرأ أيضا

الجائحة تنال من كافة الأعمار

بحاثٌ أُجريت مؤخرًا تُوضِّح تأثير الجائحة العالمية في الأُسَر التي يعاني بعض أفرادها من اضطراب ما بعد الصدمة والتوحد.

التبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

جعلتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.