إن حفظ المعلومات في البنوك الحيوية، على شكل مجموعة من العينات المأخوذة من البشر والمستعملة لأغراض البحوث الطبية، جوهري لتحسين فهم صحة البشر والأمراض. ويُعتبر البنك الحيوي السعودي، الذي أُسِّس في عام 2014، موردًا ثمينًا للمنطقة، وسيعتمد تطوره على مناقشات أوسع لمسائل من قبيل السرية والموافقة المستنيرة.

يقول غياث الأحمد -متخصص الأخلاقيات الحيوية في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية-: "توفِّر البنوك الحيوية فرصة ذهبية لدراسة الأمراض متعددة العوامل، وهي ﺍﻟﺘﻲ تنجم ﻋﻥ تفاعل بين عوامل جينية وأخرى بيئية، والعلاقات فيما بين علم الجينات والبيئات وأنماط المعيشة". ويتابع: "ثمة حاجة إلى البحوث القائمة على عدد كبير من العينات؛ لاستقصاء الأمراض التي تتفشى بسرعة بين أفراد المجتمع السعودي، ومنها ارتفاع ضغط الدم وداء السكري".

ونظرًا إلى الافتقار النسبي لاستطلاعات الرأي الخاصة بقضايا السرية في الشرق الأوسط، يقول الأحمد إنه "من الضروري والعاجل" إجراء مجموعة من الاستبانات بين خمس فئات مختلفة، هي: الباحثون، والأطباء، وطلاب الطب، والمتبرعون، والجمهور العام.

وقد أوضحت استجابات نحو 200 شخص من مدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني - وهي أكبر مجمع طبي في المملكة العربية السعودية - عن أن الفئات الخمس جميعها تعتبر السرية أحد أهم جوانب الرعاية الطبية. لكن تلك الفئات أبدت فوارق ملحوظة في مستوى القبول بتشارك المعلومات الوراثية مع طرف ثالث. فعلى سبيل المثال، كان الباحثون والأطباء شديدي الاعتراض على تشارك المعلومات مع أفراد العائلة، بعكس المتبرعين والأشخاص العاديين الذين كانوا أكثر استعدادًا لفعل ذلك.

وحينما تعين اقتراح أمثلة عن الحالات التي من الممكن قبول تجاوز السرية فيها، تبيَّن أن السيناريوهين الرئيسيين اللذين أثارهما المستطلَعة آراؤهم يخصان الأمراض المُعْدية أو الوراثية. وقد كشفت الدراسة النقاب عن أن المتبرعين والأشخاص العاديين كانوا أكثر تأييدًا لتوفير معلومات سرية في الحالتين.

يؤكد الأحمد: "إن السرية ضرورية لكسب ثقة المتبرعين وتشجيعهم على المشاركة في أي بنك حيوي". ويضيف: "ونظرًا لأن المجتمع السعودي يتميز بعائلات كبيرة ممتدة، وعلاقات عائلية وثيقة، ونسبة عالية من زواج الأقارب، لذا فإن أي خرق للسرية يمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطيرة من قبيل التعيير والتمييز. لذا من الضروري تحري جميع التداعيات الأخلاقية".

البنك الحيوي السعودي عضو في مشروع الجمهور العام في علم الجينوم والمجتمع Public Population Project in Genomics and Society (P3G)، وهو ائتلاف دولي لتسهيل الحوار بين موارد البنوك الحيوية على مستوى العالم. وقد أشار الأحمد إلى أن استنتاجات فريقه، بوجه عام، تتماشى مع نتائج استطلاعات مماثلة أُجريت في بلدان أخرى. ويهدف فريقه إلى إجراء مزيد من الاستطلاعات بين عينات من الأشخاص أكبر حجمًا.

ويضيف الأحمد: "لقد بدأت أيضًا بتحري مسألة ملكية العينات، وهي مسألة شديدة التعقيد في الحقل الطبي. وبناء على نقاشات مفيدة مع خبراء أخلاقيات في مركز الأخلاقيات الحيوية بجامعة هارفارد، نأمل نشر نتائجنا في الأشهر المقبلة".

References