النجاح الباهر لدودة القز

دودة القز قد ترشد العلماء إلى علاج وقائي جديد لداء السكري من النوع الثاني.

قراءة

MARKA / Alamy Stock Photo

تشكل الأمراض المتعلقة بنمط الحياة - مثل داء السكري من النوع الثاني- أزمة صحية عامة في جميع أنحاء العالم. ومن العوامل المؤدية للإصابة بداء السكري الإفراط في تناول السكروز، الذي يتسبب في بلوغ مستوى الجلوكوز في الدم ذروته على نحو مفاجئ. حاليًّا يستخدم باحثون يابانيون دودة القز، التي تهضم السكروز تمامًا على غرار الثدييات، في اختبار علاجات محتملة لداء السكري.

يفتت إنزيم الهضم "ألفا جلايكوسيديز" السكروز إلى جزيئات أصغر من الجلوكوز والفركتوز، تُمتص عن طريق الأمعاء لتدخل بعد ذلك إلى مجرى الدم. وترفع الوجبة المحتوية على نسب عالية من السكروز مستوى الجلوكوز في الدم، مسببةً ما يعرف بفرط سكر الدم، وإن تُرك دون علاج فإن تأثيره على الخلايا قد يكون سامًّا، وقد يسبب أمراضًا مثل السمنة وداء السكري من النوع الثاني. وبالفعل تُستخدم المثبطات الكيميائية لإنزيم ألفا جلايكوسيديز كعوامل لعلاج داء السكري، ويُفترض أن لبعض أنواع البكتيريا تأثيرات مماثلة. ومع ذلك، فإن كلتا الطريقتين العلاجيتين ستتطلب إجراء تجارب مكلفة وغير شائعة على الحيوانات، قبل البدء في تجربتها سريريًّا على البشر.

وعليه توصل فريق بحثي بقيادة عالم الأحياء الدقيقة ياسوهيكو ماتسوموتو - بجامعة طوكيو في اليابان- إلى حل محتمل. من المعروف أن دودة القز صغيرة بما يكفي لتربية كميات كبيرة منها بتكلفة زهيدة، وفي الوقت ذاته كبيرة بما يكفي ليتم حقنها بسهولة. ومثلها مثل باقي الحشرات، فإن دودة القز لديها ما يعرف بـ"الهيموليمف" أو الدم واللمف. ووفقًا لماتسوموتو فإن الهيموليمف "يؤدي العديد من الوظائف المماثلة لوظائف الدم، مثل نقل الهرمونات والعناصر الغذائية". ويُظهر دود القز ردود أفعال مماثلة لتلك التي يُظهرها الإنسان عند تلقي المضادات الحيوية أو التعرض للسموم.

ومن ثَم جهز ماتسوموتو دود قز مصابًا بداء السكري؛ لاستخدامه في اختبار علاجات للمرض. يؤمن ماتسوموتو بأن هذا النهج "الأصلي والفريد من نوعه" مبشر بالنجاح، ويصف فريقه بـ"الرواد في استخدام دود القز كحيوان تجارب".

أجرى الفريق تجربة على مجموعة من البكتيريا، تُسمى بكتيريا حمض اللاكتيك، لاختبار قدرتها على منع الاستجابة المتمثلة في حدوث ارتفاع في مستوى الجلوكوز عند دود القز. وأظهرت إحدى سلالات البكتيريا (Lactococcus lactis # Ll-1 )على وجه الخصوص، تثبيطًا قويًّا لإنزيم ألفا جلايكوسيديز، ومن ثَم منع ارتفاع مستوى الجلوكوز في الهيموليمف للدودة. يشير ماتسوموتو إلى أن هذه البكتيريا يمكنها استعمار أمعاء الإنسان بشكل دائم؛ مسفرة عن "تأثير مانع ودائم لحدوث ارتفاع لنسب الجلوكوز في الدم".

يجد العديد من مرضى السكري من النوع الثاني صعوبة في المواظبة على نمط حياة صحي. وتشير النتائج التي سجلها الفريق الياباني إلى إمكانية استخدام بكتيريا حمض اللاكتيك كعلاج مساعد في الحالات المصابة بالنوع الثاني من داء السكري، أو كعلاج وقائي في الحالات المعرضة للإصابة بالمرض. نموذج دودة القز الذي ابتكره ماتسوموتو يوفر طريقة غير مكلفة لإجراء مسح على البكتيريا لتحقيق هذا الغرض.

References

  1.  Matsumoto, Y., Ishii, M., & Sekimizu, K. An in vivo invertebrate evaluation system for identifying substances that suppress sucrose-induced postprandial hyperglycemia. Scientific Reports  (2016).| article

أقرأ أيضا

التحديد الدقيق لعوامل الخطر المسببة لسرطان البنكرياس

قواعد بيانات ضخمة للجينات تساعد الباحثين على تمييز سمات نمط الحياة المسببة لسرطان البنكرياس.

«استبيان قياس درجة عُرضة السعوديين للإصابة بداء السكري» يتنبأ بالأفراد المعرَّضين لخطر الإصابة بالمرض

طور باحثون سعوديون أداةً لتحديد الأفراد البالغين المعرَّضين لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

نهجٌ قائمٌ على الذكاء الاصطناعي لتحسين التنبؤ بمخاطر الإصابة بداء السكري

يٌمكن لنموذجُ شبكةٍ عصبيةٍ ابتكره مركزُ الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية  من التعرُّف على المرضى المُعرَّضين لخطر الإصابة بداء السُّكري بمستوى دقةٍ غير مسبوق