24 فبراير 2019
منذ خمسينيات القرن العشرين، تُستخدم المواد الكيميائية المشبَعة بالفلور (PFCs) من صنع الإنسان -المعروفة بخصائصها المضادة للزيت والماء- في عدد كبير من المنتجات، مثل أواني الطهي غير اللاصقة وعبوات الطعام. وتزداد تحذيرات العلماء من أن هذه المواد يمكن رصدها الآن في كل مكان في البيئة، بل حتى في أجسامنا.
يبتلع معظمنا كميات قليلة من المواد الكيميائية المشبعة بالفلور من خلال الطعام والماء. وحتى الآن، أظهرت الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن هذه المواد تؤخر النمو التطوري، غير أن آثارها على الصحة البشرية كانت أقل وضوحًا.
وقد وجد باحثون في اليابان –لأول مرة– علاقة بين المواد الكيميائية المشبعة بالفلور في دم الأم ومستوى الهرمونات في دم الحبل السري للأجنة عند الولادة.
وتُعَدُّ الدراسة التي أجراها هؤلاء الباحثون جزءًا من مشروع بحثي مستمر واسع النطاق، يحمل اسم "الدراسة الأترابية لمواليد هوكايدو حول البيئة وصحة الأطفال" (Hokkaido Birth Cohort Study on Environmental and Children's Health)، ويهدف إلى مراقبة صحة الأطفال المولودين في هذه المنطقة في شمال اليابان.
قاس الفريق البحثي مستويات المواد الكيميائية المشبعة بالفلور في دم 185 أمًّا حاملًا، وبعد ذلك قاسوا مستويات مجموعتين من هرمونات الستيرويد في دم الحبل السري لدى أطفالهن حديثي الولادة، وهما مجموعة الجلوكوكورتيكويدات (أو المعروفة باسم الهرمونات القشرية السكرية)، ومجموعة الأندروجينات، وكلتا المجموعتين تؤدي دورًا مهمًّا في التحكم في الأيض والتكاثر البشري.
ووجد الباحثون أن تعرُّض الجنين لمادة شائعة مُلوِّثة من المواد الكيميائية المشبعة بالفلور، تسمى "سلفونات البيرفلوروكتان" (PFOS)، ارتبط بانخفاض مستوى الكورتيزول والكورتيزون في دم الحبل السري. كما ارتبطت تلك المادة كذلك بارتفاع مستوى الهرمون الأندروجيني ديهيدرو إيبي أندروستيرون (DHEA).
تقول ريكو كيشي، الباحثة في مركز علوم البيئة والصحة في جامعة هوكايدو: "ربما يكون لهذا الأمر آثار سلبية على نظام الغدد الصماء الجنيني وتوازُن هرمون الستيرويد لدى الجنين في حياته لاحقًا، وهو ما يؤدي إلى تشوُّهات في النمو والنمو العصبي والصحة الإنجابية. ومن ثَم، فإن تعرُّض الجنين للمادة الكيميائية المشبعة بالفلور داخل الرحم ربما يمثل إحدى المخوفات في مجال الصحة العامة، وهو ما يسوِّغ الحاجة إلى مراقبة هذه التأثيرات على المدى الطويل".
ورغم أن بعض الصناعات تتخلص تدريجيًّا من المواد الكيميائية المشبعة بالفلور، فإنها لا تزال موجودة في منتجات قديمة، ويمكن أن تتراكم في أجسامنا. وقد حذرت دراسة سابقة أجراها الفريق البحثي نفسه من تزايُد أنواع جديدة من المواد الكيميائية المشبعة بالفلور ذات سلاسل كربون أطول. ونظرًا لكون هذه المواد الكيميائية المشبعة بالفلور معروفةً بأنها ذات سُمِّيَّة أكبر وأعمار نصفية أطول، يؤكد الباحثون ضرورة رفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بها.
وتتضمن التوصيات المقدَّمة للنساء الحوامل والمرضعات تجنُّب الأطعمة المعبأة في مواد تحتوي على مواد كيميائية مشبعة بالفلور (مثل أكياس الفيشار المُعَدَّة للتحضير في الميكروويف، وحاويات الأطعمة السريعة، وعلب البيتزا)، وتقليل ابتلاع الغبار وتناوُل الأطعمة من أيدي الآخرين مباشرة، وتجنُّب استخدام المياه الجوفية سواء في الشرب أو في الطهي.
- وتقول كيشي إن التعاون والتكامل بين الدراسات الأترابية الحالية المتخصصة في دراسة المواليد في الدول المختلفة سوف يصبح أكثر أهمية. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، قادت كيشي تدشين "اتحاد الدراسات الأترابية للمواليد في آسيا" (
References
- Goudarzi, H., Araki, A., Itoh, S., Sasaki, S, Miyashita, et al. The Association of prenatal exposure to perfluorinated chemicals with glucocorticoid and androgenic hormones in cord blood samples: The Hokkaido Study. Environmental Health Perspectives | article