وصفة طبية شخصية لعلاج السرطان

تقدم تقنية "العضو المصغر" نظرةً عميقة للأساس الجزيئي لسرطان الأمعاء، وتعطي أملًا في التوصل إلى علاج أكثر فاعلية.

2017 CLEVERS HANS©  

يمثل سرطان القولون والمستقيم -والذي يُعرف أيضًا بسرطان الأمعاء- سببًا بارزًا من أسباب الوفاة لدى البالغين. ويُعَدُّ علاج هذا النوع من السرطان صعبًا؛ نظرًا لأن بنية أورام الأمعاء وتكوينها وتطورها يختلف من مريض إلى آخر، ومن ثم غالبًا ما تنتهي طرق العلاج التقليدية بالفشل.

يقترح بعض العلماء في جامعة أوتريخت في هولندا، وجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، نهجًا شخصيًّا أكثر، يتناسب مع حالة كل مريض، لعلاج سرطان الأمعاء، بدءًا من التركيب الجزيئي للورم نفسه. وتكشف أبحاثهم سمات خاصة بكل مريض بالسرطان، كما تسلط الضوء أيضًا على البصمات الجزيئية المشتركة للمرض.

تستخدم هذه الدراسة تقنيةً جديدة تُعرف باسم "الأعضاء المصغرة"، يتم فيها إنماء عينة صغيرة من الأنسجة في المختبر إلى عضو مصغّر ومبسط يعيش لفترة طويلة، يحتوي على جميع أنواع خلايا النسيج الأصلي. ويوضح المؤلف المشارك في الدراسة هانز كليفرز أن الأمعاء كانت "المكان الذي توصلنا فيه للمرة الأولى إلى إجراء زراعة الأعضاء المصغرة".

وقد أنتج الباحثون أعضاءً مصغرة من أنسجة أورام وأنسجة سليمة من سبعة مرضى بسرطان الأمعاء، ثم قاموا بفحص البروتينات الموجودة في كل عضو مصغر -أي "البروتيوم" الخاص به- ثم مقارنتها بين المرضى، وبين الأنسجة السرطانية وغير السرطانية.

من بين آلاف البروتينات التي جرى تحديدها، كان ثمة ما يقرب من 400 بروتين مختلف بين الأعضاء المصغرة المستنبتة من الأورام وتلك المستنبتة من الأنسجة السليمة من كل مريض. وقد كان هذا العدد أكبر بكثير من عدد الجينات النشطة التي تختلف بين الأنسجة نفسها، مما يؤكد فائدة المنظور الإضافي الذي يقدمه البروتيوم وأهميته.

ثم حدد الفريق البحثي بعد ذلك البروتينات المشاركة في تطور الورم. على سبيل المثال، احتوى العضو المصغر من ورم أحد المرضى على مستويات منخفضة من بروتين MSH3، المسؤول عن إصلاح الأخطاء في الحمض النووي. وقد يتسبب نقص بروتين MSH3 في أن يصبح الجينوم غير مستقر، كما ظهرت علاقة تربطه بسرطان القولون والمستقيم بالفعل.

في الواقع، تشارك العديد من البروتينات في استقرار الجينوم، وقد يسبب نقص أيٍّ منها الإصابة بالسرطان. وربما يكون نوع عدم الاستقرار -ماهية الجزء الذي تأثر من الجينوم– عنصرًا جوهريًّا لاستجابة المريض للعلاج. ومن ثم، فإن معرفة أيّ من البروتينات قد انخفضت مستوياتها ربما تساعد على توفير علاجات موجهة، وتحسِّن فرص النجاة.

وتفاوتت مستويات البروتينات الأخرى، البالغ عددها حوالي 300 بروتين، في الأعضاء المصغرة المستنبتة من الأورام لدى جميع المرضى، الأمر الذي ربما يثبت أنها مؤشرات ذات أهمية في سرطان القولون والمستقيم.

وبصورة عامة، فإن تكنولوجيا الأعضاء المصغرة التي يستكشفها الفريق البحثي من جامعتي أوتريخت وأكسفورد تمثل تقدمًا ملحوظًا على الأساليب السابقة لاستكشاف خيارات العلاج، كما أنها أقل تدخلًا من التجارب المتكررة على المرضى الفعليين. ويذكر كليفرز أن هذه التقنية تخضع للاختبار بالفعل على مجموعة من أنواع السرطان الأخرى، تتضمن سرطان البنكرياس والبروستاتا والثدي والمبيض.

References

  1. Cristobal, A., van den Toom, H. W. P., van de Wetering, M., Clevers, H., Heck, A. J. R. et al. Personalized proteome profiles of healthy and tumor colon organoids reveal both individual diversity and basic features of colorectal cancer. Cell Reports 18, 263—274 (2017). | article

أقرأ أيضا

وليفة علاجية تزيد معدلات النجاة من سرطان الكُلَى

تُظهر تجربة سريرية عالمية من المرحلة الثالثة فاعلية توليفة علاجية جديدة للمراحل المتقدمة من سرطان الكُلَى.

احتشاد الجسيمات الدقيقة لتسديد ضربة قوية للأورام السرطانية

باحثون سعوديون يبتكرون جسيمات دقيقة من أكسيد الحديد لديها القدرة على نقل عقاقير متعددة إلى قلب الورم وصولًا إلى أعماقه.

تعزيز المناعة عن طريق الخلايا الجذعية قد يساعد على قمع السرطان

يُمكن أن يُساعد تحفيز الخلايا المناعية باستخدام الخلايا الجذعية المشيمية على تعزيز نشاط الجسم الطبيعي المُقاوِم للسرطان