هدية واقية من الأمهات للأطفال الخُدّج

يكتسب الأطفال الخُدّج من أمهاتهم ترسانة من الأجسام المضادة مماثلة لتلك الموجودة لدى الأطفال الذين أتموا فترة الحمل، وهو ما يُرجح أن ارتفاع مخاطر تعرضهم للعدوى ناجم عن عوامل أخرى.

قراءة

dpa picture alliance / Alamy Stock Photo

قد تكون المناعة التي تمنحها الأمهات للأطفال الخُدّج أكثر وأوسع شمولًا وحماية مما كان يُعتقد سابقًا، وفقًا لباحثين من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد. وقد تؤثر النتائج التي توصلوا إليها في تطوير لقاحات الأطفال الرضّع وعلاج حديثي الولادة.

تتطوَّر المناعة ضد الأمراض عندما يولّد الجسم الأجسام المضادة؛ وهي بروتينات مبرمجة لتبحث عن خلايا مريضة محددة وتدمّرها أو تُحيّدها. غير أن حديثي الولادة لم يتعرضوا بعد لما يكفي من مسببات الأمراض بما يسمح لهم بتكوين أجسام مضادة، لذا فإن الأجسام المضادة للفيروسات والبكتيريا والتي تدعى «الجلوبولين المناعي G» (IgG) تُمرّرها الأمهات إلى الأطفال في أثناء الحمل. توفّر هذه الأجسام المضادة مناعة مكتسبة سلبية تمتد حتى الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة. غير أن الأطفال الخُدّج يُعرفون بأنهم أكثر عُرضة للإصابة بالعدوى، وهو ما أرجعه علماء في السابق إلى أنهم لا يتلقون من أمهاتهم معدلات الجلوبولين المناعي G نفسها التي يتلقّاها الأطفال المولودون بتمام فترة الحمل.

ومؤخرًا، قلب كريستيان بو وزملاؤه في معهد كارولينسكا هذه النظرية رأسًا على عقب، بعد التحليل الأول لمجموعة الأجسام المضادة الكاملة الموجودة لدى الأطفال المولودين بتمام فترة الحمل والأطفال الخُدّج وأمهاتهم.

شمِلت الدراسة 78 أمًا وأطفالهن، منهم 32 طفلًا وُلدوا قبل الأسبوع الثلاثين من الحمل. استخدم الباحثون تقنية رائدة في مجال العاثيات (الفيروسات المدمرة للبكتيريا) لفحص العينات المأخوذة من جميع المشاركات وأطفالهن. والعاثيات مكونات فيروسية يمكن تصميمها بحيث تُظهر بروتينات معينة على أسطحها. وبعد ذلك، ترتبط الأجسام المضادة ذات الصلة بأمراض معينة بالبروتينات التي تُظهرها العاثيات، ما يسمح للباحثين بتحديد الأجسام المضادة الموجودة في كل عيّنة. عرضت مجموعة العاثيات التي استخدمها الفريق آلاف البروتينات من 206 أنواع فيروسية، تغطي كل فيروس يُعرف أنه يُصيب البشر، باستثناء فيروس زيكا الجديد نسبيًا.

فوجئ فريق بو عندما اكتشف أن الأطفال الخُدّج والأطفال المولودين بتمام فترة الحمل لديهم مجموعة متشابهة جدًا من الجلوبولين المناعي G، بغضّ النظر عن عمر الحمل عند الولادة. كان نطاق الأجسام المضادة المكتسبة من الأمهات الموجود عند الأطفال الخُدّج المولودين منذ الأسبوع الرابع والعشرين من عمر الحمل يعكس الموجود عند أمهاتهم، مع مناعة ممنوحة ضد الفيروسات الشائعة.

ووفقًا لما ذكره الفريق في البحث الذي نشرته دورية «نيتشر ميديسن» Nature Medicine في عام 2019؛ فإن "هذه النتائج تشير إلى أن ارتفاع احتمالات العدوى لدى الأطفال الخُدّج مقارنة بالأطفال المولودين بتمام فترة الحمل لا يحدده نقص الأجسام المضادة المكتسبة من الأمهات؛ وإنما يمكن تفسيره بوجود حواجز جسدية أضعف في الجلد والأمعاء والرئة، أو باختلافات مدى التعرض للعدوى بسبب العناية المركزة، والقساطر الوريدية، وأنابيب التنفس".

كما تسلّط النتائج أيضًا الضوء على الأجزاء المُحدّدة من البروتينات الفيروسية التي تستهدفها الأجسام المضادة، والتي يمكن أن يثبت أنه لا غنى عنها لتطوير اللقاحات.

References

  1.  Pou, C., Nkulikiyimfura, D., Henckel, E., Olin, A., Lakshmikanth, T. et al. The repertoire of maternal anti-viral antibodies in human newborns. Nature Medicine 25, 591-596 (2019) | article

أقرأ أيضا

التبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

جعلتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة  حول عوامل جينية مُحتملة  تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

الجائحة تنال من كافة الأعمار

 أبحاثٌ أُجريت مؤخرًا تُوضِّح تأثير الجائحة العالمية في الأُسَر التي يعاني بعض أفرادها من اضطراب ما بعد الصدمة والتوحد.