الخلايا التائية تتعرَّف على الفيروس المُسبِّب لمرض «كوفيد-19» قبل الإصابة بالعدوى وبعدها

يُحفِّز فيروس «سارس-كوف-2» استجابةً مناعيةً قوية معتمدة على الخلايا التائية، ومع ذلك، فكثير من الناس لديهم بالفعل ذاكرة مناعية تفاعلية مُتصالبة

JUAN GAERTNER/SCIENCE PHOTO LIBRARY/ GETTY IMAGES

أظهرتْ دراسة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية أن الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا التائية تُمثِّل جزءًا جوهريًّا من الاستجابة المناعية لفيروس «سارس-كوف-2»، المُسبِّب لمرض «كوفيد-19». كما كشفتْ الدراسة وجود نسبة كبيرة من الأشخاص الذين لم يُصابوا بعدوى فيروس «سارس-كوف-2»، ومع ذلك تحتوي أجسامهم على خلايا تائية يمكنها التعرُّف على الفيروس.

ويقول أليساندرو سيته قائد الفريق البحثي لهذه الدراسة والباحث في معهد لاهويا لعلوم المناعة في كاليفورنيا: "كانت دراستنا هي الأولى التي  تُظهرأن مرض «كوفيد-19» يُحفِّز استجابةً مناعية قوية لدى معظم الناس".

وقد انصبَّ جزءٌ كبير من النقاش الدائر حول استجابة الجسم المناعية لمرض «كوفيد-19» على الأجسام المضادة، وهي جزيئات البروتين التي ترتبط بأجزاءٍ معينة من الفيروس، ومن ثمَّ، تحفّز الأنشطة  التي تعمل على تحييد الفيروس. ومع ذلك، ثمة جانب جوهري آخر من المناعة تؤدي فيه الخلايا التائية  المنتشرة في الدم دور الوسيط. فيمكن لفئةٍ واحدة من الخلايا التائية، المعروفة بالخلايا التائية القاتلة، أن ترتبط بالخلايا المُصابة بالفيروس وتُدمِّرها. ويمكن أن تُشارك فئةٌ أخرى، يُطلَق عليها الخلايا التائية المُساعِدة، في  توليد الاستجابة المعتمدة على الأجسام المضادة.

وعندما حلَّل سيته وزملاؤه عينات دمٍ جُمعت من 20 مريضًا كانوا قد تعافوا من مرض «كوفيد-19»، عثروا على خلايا تائية مُساعِدة يمكنها التعرُّف على فيروس «سارس-كوف-2» وعرقلة نشاطه في جميع العينات. كما عثروا على خلايا تائية قاتلة استطاعت استهداف الفيروس في 14 عينة من تلك العينات.

ويُعلق سيته على الاكتشاف قائلًا: "أهم ما في الأمر أننا رصدنا استجابةً قوية من الخلايا التائية ضد البروتين الشوكي الموجود على سطح الفيروس، والذي تستهدفه معظم اللقاحات". ولكنهم وجدوا أيضًا بعض الخلايا التائية التي تعرَّفت على أجزاءٍ أخرى من الفيروس، مما يكشف عن بعض الجوانب المُعقَّدة من استجابة الخلايا التائية المضادة للفيروسات.

و ربما كان على المستوى نفسه من الأهمية اكتشافهم لنشاط الخلايا التائية ضد فيروس «سارس-كوف-2» في 50% تقريبًا من عيّنات الدم التي جُمعت من أشخاص لا يمكن أن يكونوا قد تعرّضوا للفيروس، لأن تاريخ جمع هذه العينات يعود إلى الفترة ما بين أعوام 2015 و2018، أي قبل ظهور فيروس «سارس-كوفيد-2». ويعتقد الباحثون أن تعرُّف الخلايا على الفيروس قد يكون سببه عدوى سابقة بنوع أقل ضررًا من فيروسات كورونا التي تُسبِّب نزلات البرد الشائعة.

ويقولون إن هذا "التفاعل المُتصالب" للاستجابة المناعية ضد فيروسات كورونا قد يساعد على تفسيرٍ الأعراض الطفيفة نسبيًا التي عانى منها بعض مرضى «كوفيد-19». ولكن في الوقت الحاليّ، لا توجد أدلة قوية تدعم هذا التكهُّن أو تدحضه.

وبمعرفة مزيد عن الاستجابة المناعية لفيروس «سارس-كوف-2»، يأمل الباحثون في الإسهام في تطوير لقاحات وعلاجات فعَّالة للفيروس.

يقول سيته: "نأمل أن نتوصل إلى طريقة لتحفيز الاستجابة المناعية في الاتجاه الصحيح".

References

  1.  Grifoni, A., Weiskopf, D., Ramirez, S. I., Mateus, J., Dan, J. M. et al. Targets of T Cell Responses to SARS-CoV-2 Coronavirus in Humans with COVID-19 Disease and Unexposed Individuals. Cell 181, 1489–1501 (2020). | article

أقرأ أيضا

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة  حول عوامل جينية مُحتملة  تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

الجائحة تنال من كافة الأعمار

بحاثٌ أُجريت مؤخرًا تُوضِّح تأثير الجائحة العالمية في الأُسَر التي يعاني بعض أفرادها من اضطراب ما بعد الصدمة والتوحد.

لتبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

علتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.