نحو تشخيص اضطرابٍ وراثيٍ نادر

دراسةٌ متعمِّقة لبيانات تتعلّق بنقص حمض أميني نادر تُمهِّد السبيل للتشخيص المبكر واكتشاف العلاج

N/A

حلَّل باحثون من شتى أنحاء المملكة العربية السعودية بياناتٍ سريرية لمرضى يعانون من نقص إنزيم بناء الأسباراجين (ASNSD)، وهو الاضطراب الأيضي الذي يكون قاتلًا في أغلب الأحيان، كاشفين بذلك عن معايير جديدة يُستَند إليها في التشخيص والتوصُّل إلى علاجٍ محتمل. ويمكن علاج هذا الاضطراب حال اكتشافه مبكرًا، بيْد أن الأطباء السريريين يجدون صعوبةً بالغة في تشخيص الحالة المرضية بالسرعة الكافية.

تُصنِّع أجسامنا الحمض الأميني، الأسباراجين،  بشكل طبيعي، ويُعتبر إنزيم بناء الأسباراجين إنزيمًا حاسمًا في هذه العملية.

ويُشكِّل تشخيص اضطراب نقص إنزيم بناء الأسباراجين تحدّيًا نظرًا إلى أنه لا يمكن الوثوق بالاختبارات التي تعتمد على التحليل الكيميائي الحيوي لمستويات الأسباراجين في البلازما أو السائل الدماغي النخاعي. وقد سعى الدكتور نايف المنتشري، الباحث بجامعة طيبة بالمملكة العربية السعودية، إلى تحقيق فهم أعمق لهذا الاضطراب، وتواصَل مع الدكتور ماجد الفضل، الباحث في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، وأحد الخبراء الموثوقين في «اضطراب نقص إنزيم بناء الأسباراجين ». يقول الفضل عن الدكتور نايف: "لقد تعاونَّا معه وعرضنا عليه حالاتنا غير المنشورة، وتمكَّنا من تشكيل أكبر مجموعة أترابية في العالم لهذا الاضطراب".

فحص الباحثون التقارير السريرية المتعلقة بنحو 31 مريضًا من مرضى «اضطراب نقص إنزيم بناء الأسباراجين» والذين ينحدرون من 13 عائلة سعودية، وتوصَّلوا إلى بعض الأنماط المتسقة، إذ برزت النوبات والتشنُّجات كمظاهر عصبية شائعة لدى المرضى، كما تبيَّن أن جميع الأطفال المصابين يعانون من تشوّه في الدماغ والجمجمة وملامح الوجه. وحدَّد الباحثون كذلك مجموعةً من الأعراض الأخرى التي لم تظهر إلا في مجموعة فرعية من العائلات، ومن بينها مظاهر تؤثر في العظام أو الرئتين أو الجلد أو السمع.

وأكَّد التحليل أيضًا أن ثمة مرضى كثيرين لديهم مستويات متدنّية من الأسباراجين في البلازما والسائل الدماغي النخاعي، وأوضح فريق الباحثين أن هذا الاختبار التشخيصي له معدّل سلبي كاذب نسبته 17%. غير أنهم حدَّدوا أيضًا مؤشراتٍ بديلة قد تكون مفيدة. يقول الفضل: "لقد حدَّدنا أنماطًا ظاهرية سريرية ونتائج إشعاعية قد تساعد على التشخيص قبل الاختبار الجيني الجزيئي". ويُعد هذا أمرًا في غاية الأهمية، لأنه يمكن إيقاف تطور المرض لدى بعضهم بتناول مكمّلات الأسباراجين على الفور.

كشفت هذه الدراسة عن مجموعة من الطفرات المختلفة في جين بناء الأسباراجين، ويتطلع الفضل حاليًا إلى فهم كيفية إسهام هذه الطفرات في زيادة شدة المرض ومظاهره. ويقول عن ذلك: "سيُساعدنا فهم الآليات الجينية الجزيئية على اكتشاف العلاج".

وقد تساعد هذه الرؤى الكاشفة أيضًا في الجهود المبذولة لتطوير اختبار فعَّال لهذه الحالة المرضية في سياق البرنامج الوطني للفحص الطبي قبل الزواج («برنامج الزواج الصحي») في المملكة العربية السعودية للاضطرابات الوراثية النادرة.

References

  1. Alharby, E., Faqeih, E.A., Saleh, M., Alameer, S., Almuntashri, M.  et al. Clinical, molecular, and biochemical delineation of asparagine synthetase deficiency in Saudi cohort. Genet. Med. Published online 3 August 2020. | article

أقرأ أيضا

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة حول عوامل جينية مُحتملة تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

تطعيم الكبار ضد الأمراض البكتيرية

على الرغم من أن برامج تطعيم الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خفضت بدرجة كبيرة من

لتبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

علتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.