14 مارس 2022
تُشكِّل الأمراض البكتيرية الغازية تهديدًا خطيرًا لصحة السكان في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي يفتقر كثي منها إلى وجود رقابة كافيةٍ على الصحة العامة وإلى إمكانية الوصول إلى اللقاحات بشكل فعال. وتعمل برامج المعونة الدولية على تحسين إمكانية ال وصول إلى لقاحاتٍ ميسورة التكلفة، غير أن هذه الجهود تُركِّز على الأطفال. وفي دراسةٍ حديثة تضمَّنت مراجعة الأبحاث العلمية، أشار فريقٌ من الباحثين، من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إلى ضرورة إعطاء الأولوية لجهود تطعيم الكبار، للتخفيف من عبء الأمراض التي يمكن الوقاية منها، لكن عقباتٍ كبرى تقف في طريق تحقيق ذلك.
تتوافر بالفعل لقاحاتٌ للعوامل المُمرِضة البكتيرية الثلاثة الأكثر شيوعًا التي تتسبَّب في الأمراض البكتيرية الغازية:النَيْسَرِيَّة السَحَائِيَّة Neisseria meningitidis، والعُقَدِيّة الرِّئَوِيَّة Streptococcus pneumoniae، والمستدمية النزلية Haemophilus influenzae. ترتبط هذه الأنواع الثلاثة من البكتيريا بأمراضٍ مميتة مثل الالتهاب السحائي، والالتهاب الرئوي، وعدوى الدم. وفي العصر الحديث، تؤدي هذه الأمراض إلى الوفاة خاصة بين كبار السن ومَنْ يعانون من أمراضٍ مُصاحبة للمرض الرئيسي. ورغم هذه الحقيقة، إضافة إلى العبء المستمر الذي تُسبِّبه هذه الأمراض التي يمكن الوقاية منها لدى الكبار، فإن قليلًا من استراتيجيات التطعيم حول العالم تُعطي الأولوية للكبار.
أجرى عبد الرحمن البزري -من المركز الطبي التابع للجامعة الأمريكية في بيروت- بالتعاون مع فريقٍ من الباحثين من لبنان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، دراسة تضمَّنت مراجعة 39 بحثًا متاحًا على قاعدة البيانات الخاصة بمؤلفات الطب الحيوي «بابميد» PubMed.
أفاد الباحثون بأنه لا توجد حاليًّا بلدانٌ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُطبِّق سياسات تطعيم روتينية للكبار [ضد مرض «المكورات السحائية الغَازية» invasive meningococcal disease]. يُطبِّق بعض البلدان سياسات تطعيم للأفراد الأكثر عُرضة لخطر الإصابة، مثل المملكة العربية السعودية؛ إذ يُشتَرط على كثير من الحجاج تلقّي اللقاحات الواقية من مرض المكورات السحائية. غير أن ضعف القدرة على ال وصولإلى لقاحاتٍ ميسورة التكلفة يُمثِّل عقبةً كبيرة في طريق تطبيق استراتيجيات تطعيم شاملة للكبار في مختلف أنحاء المنطقة.
إضافةً إلى ذلك، ثمة نقصٌ «محبِط» في بيانات علم الأوبئة وجهود مراقبة الصحة العامة في ما يتعلَّق باللقاحات، حسبما قال الباحثون. وهذه الرقابة في غاية الأهمية لاكتشاف السلالات الجديدة من العوامل الممرضة، وكذلك في تطبيق الإجراءات الوقائية أو الاستراتيجيات العلاجية وتقييم كلٍ منها.
ويرى الباحثون أنه من الأهمية بمكانٍ التغلّبُ على مشكلة نقص برامج تطعيم الكبار؛ إذ لن يؤدي ذلك إلى مواجهة عبء الأمراض التي يمكن الوقاية منها لدى الكبار فحسب، بل سيُعالج كذلك مشكلةً خطيرة تتمثَّل في مقاومة الميكروبات للأدوية، لأن الوقاية من الأمراض ستُقلِّل من استخدام مضادات الميكروبات.
يطرح الباحثون في مراجعتهم عدّة توصياتٍ، مثل تنفيذ قرارات بفرض المراقبة، واستخدام السجلات الطبية الإلكترونية، والاستعانة بنُظم إدارة المعلومات والمعرفة. كذلك شدَّد الباحثون على أهمية التدريب الفعَّال للأطقم الطبية في ما يتعلق بأهمية المراقبة. ويعتقد الباحثون أنه من الممكن الحدّ كثيرًا من مستويات انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذا ما تعهَّدت الحكومات، والقطاع الخاص، والمنظَّمات الدولية، بمكافحتها وتعاونت فيما بينها على ذلك.
References
- | Bizri, A. R., Althaqafi, A., Kaabi, N., Obeidat, N., Al Akoury, N. et al. The Burden of Invasive Vaccine-Preventable Diseases in Adults in the Middle East and North Africa (MENA) Region. Infectious Diseases and Therapy 10, 663-685 (2021). article