الكشف عن اتجاهات استهلاك المضادات الحيوية

دراسة ترصد أنماط استهلاك المضادات الحيوية عالميًّا على مدار 15 عامًا

قراءة

Fahroni / Alamy Stock Photo

يزداد الاستخدام العالميّ للمضادات الحيوية بصورة واضحة؛ ما حدا بمنظمة الصحة العالمية (WHO) إلى رصْد الأمر، ومتابعته، بسبب احتمالية ظهور مقاومةٍ بكتيرية للمضادات الحيوية. وهذا الاتجاه من شأنه أن يزيد من صعوبة تحقيق مُستهدفات استهلاك المضادات الحيوية لعام 2023، التي وضعَتْها منظمة الصحة العالمية، مما يثير المخاوف بشأن انتشار المقاوَمة البكتيرية للمضادات الحيويّة.

وقد صار من الضروريّ اتخاذ التدابير اللازمة لدعم مراقبة المضادات الحيوية، والاستخدام الأمثل لها، بهدف الحد من ظهور المقاوَمة البكتيرية لها، وانتشارها. ويُذكَر أنّ في عام 2017، طرحت منظمة الصحة العالمية تصنيف «الإتاحة والمراقبة والاحتياط» Access, Watch, Reserve (AWaRe) للمضادات الحيوية في قائمتها للأدوية الأساسية. فالمضادات الحيوية التي تندرج ضمن فئة «الإتاحة» هي علاجات الخط الأول أو الثاني لأنواع العدوى الشائعة. والمضادات الحيوية التي تقع ضمن فئة «المراقبة» هي التي تزداد احتمالات ظهور مقاوَمة بكتيرية لها. أما مجموعة «الاحتياط»، فتتكوَّن من المضادات الحيوية التي تُعتبر ملاذًا أخيرًا للاستخدام الموجَّه في حالات العدوى المقاوِمة للمضادات الحيوية المتعددة.

استخدم فريقٌ بحثيّ دولي يرأسه باحثون من مركز ديناميكيات الأمراض والاقتصاد والسياسة (CDDEP) في العاصمة الأمريكية واشنطن بياناتٍ عن مبيعات المضادات الحيوية، حصل عليها الفريق من شركة تقنيات المعلومات الصحية «إيكويفيا» IQVIA، وذلك بهدف دراسة أنماط استهلاك المضادات الحيوية في 76 دولة في الفترة بين عامَي 2000، و2015. ووجد الفريق أن معدل زيادة استهلاك المضادات الحيوية المُدْرَجة ضمن فئة «المراقبة» كان أعلى بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا (90.9%)، مقارنةً بمعدل زيادة استهلاك فئة «الإتاحة»، حيث كان (26.2%). وكانت الزيادة في استهلاك المضادات الحيويّة التي تقع ضمن فئة «المراقبة» أكبر بكثير في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل (165%)، مقارنةً بالدول مرتفعة الدخل (27.9%).

وقد تَراجَع عدد الدول التي شكَّل فيها استهلاك فئة «الإتاحة» 60% على الأقل من إجمالي استهلاك المضادات الحيويّة من 50 دولة (من أصل 66 دولة في عام 2000) إلى 42 دولة (من أصل 76 دولة في عام 2015). وفي جميع الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تقريبًا، انخفض استهلاك فئة «الإتاحة»، مقارنة بفئة «المراقبة». وقد تبيَّن أن إجمالي الزيادة العالمية في استهلاك المضادات الحيويّة من فئة «المراقبة» يُعزى - بشكلٍ رئيسٍ - إلى دولتين، هما: الهند، والصين.

يشير المؤلف المُراسِل إيلي كلاين - الباحث بمركز ديناميكيات الأمراض والاقتصاد والسياسة - إلى أن ثمة عددًا من العوامل يقف - على الأرجح - وراء الزيادة في استهلاك المضادات الحيوية من فئة «المراقبة» في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. ويوضح قائلًا: "أدَّى النمو الاقتصادي إلى ازدياد استهلاك المضادات الحيوية من فئة «الإتاحة»، و«المراقبة» في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل؛ إلا أن السياسات والبرامج التي تنظم استخدام فئة «المراقبة» لم تتطور بالسرعة الكافية".

ويذكر كلاين أن دولًا عديدة من تلك الدول منخفضة ومتوسطة الدخل - ومن بينها الجزائر وتونس - لديها استهلاكٌ مرتفع نسبيًّا من المضادات الحيويّة من فئة «الإتاحة»، مُقارنةً بالدول مرتفعة الدخل، التي تملك برامج قوية لإدارة استخدام المضادات الحيوية. ويشير هذا إلى إمكانية تحقيق تحسُّنٍ في النسبة بين استهلاك فئة «الإتاحة»، واستهلاك فئة «المراقبة»، بصرف النظر عن الناتج المحليّ الإجماليّ للدولة.

هذا.. إلا أن الدراسة ليست خالية من العيوب تمامًا؛ حيث يشير الباحثون إلى أنّ هناك أقاليم، مثل دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، قد استُبْعِدَت من التحليل، بسبب قلة البيانات، كما لم تتوافر بيانات متواصلة عن كل السنوات، وصولًا إلى عام 2015 بالنسبة إلى بعض الدول.

ومع ذلك.. فإن الدراسة تدقُّ جرس إنذارٍ يحذرنا مِن أنه في حال عدم إدخال تعديلاتٍ على السياسات، فسوف يصعب تحقيق هدف منظمة الصحة العالمية على المستوى القومي، الرامي إلى رفع إجمالي استهلاك المضادات الحيوية من فئة «الإتاحة» إلى 60% بحلول عام 2023.

يقول كلاين: "في النهاية، من الضروريّ زيادة الاستثمارات في البِنْية التحتيَّة، والتشريعات، والقيادة، من أجل تحسين ممارسات وَصْف الأدوية." ويضيف قائلًا: "إن الحدَّ من انتشار مقاوَمة المضادات الحيوية لا يحظى عادةً بمستوى الأولوية ذاته الذي تحظى به الأمراض التي تلقى اهتمامًا أكبر في منظومات الرعاية الصحية منخفضة الموارد".

References

  1. Klein, E.Y., et al. Assessment of WHO antibiotic consumption and access targets in 76 countries, 2000–15: an analysis of pharmaceutical sales data. Lancet Infectious Diseases (2020). | article

أقرأ أيضا

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة  حول عوامل جينية مُحتملة  تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

التبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

جعلتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.

 تطعيم الكبار ضد الأمراض البكتيرية

على الرغم من أن برامج تطعيم الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خفضت بدرجة كبيرة من انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها، فإن برامج تطعيم الكبار لا تزال متعثرة.