دراسة الاستجابات المناعية لمرض «كوفيد-19»

تحليلٌ مُتعمّق للاستجابة المناعية لمرض «كوفيد-19» يُزوِّد الأطباء السريريين بأدواتٍ جديدة.

Science Photo Library / Alamy Stock Photo

أسفرت الدراسات الاستقصائية عن الاستجابة المناعية للفيروس المُسبِّب للمُتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة من النوع الثاني «سارس-كوف-2» عن مجموعة من النتائج السريرية، من بينها "بصماتٍ" لمستقبلات الخلايا المناعية المُقترنة بخطورة الحالة السريرية. ويمكن أن تمدّ هذه البيانات الأطباء بمؤشرٍ تنبؤي للحالات الجديدة، كما يمكن أن يُسترشَد بها في الجهود المبذولة لابتكار علاجات فعَّالة.

وقد عقدت ماشا بايندر، الباحثة بجامعة مارتن لوثر في هاله فيتنبرج بألمانيا، بالتعاون مع فريقها، مقارنةً بين مجموعتين أترابيتين من المرضى من ناحية استجاباتهم المناعية. تكوَّنت المجموعة الأولى من 20 مريضًا مُحتجزًا في المستشفى ومصاباً بعدوى نشطة من فيروس (سارس–كوف-2)، من بينهم 12 مريضًا في حالة حرجة، فيما ضمَّت المجموعة الثانية 19 مريضًا ممن تعافوا من المرض.

وجدت بايندر وفريقها بصماتٍ لمستقبلات سطح الخلايا التائية لدى المرضى الذين تعافوا من مرض «كوفيد-19» دون سواهم. تقول بايندر: "كان لدى المرضى الذين عانوا من أعراضٍ حادة للمرض تنوعٌ أقل من الخلايا التائية، وكانت لديهم مجموعات من مستقبلات الخلايا التائية تختلف اختلافًا بيّنًا‎عن تلك الموجودة لدى المرضى الذين عانوا من أعراضٍ أقل حدة".

وقد أسفر هذا البحث عن إنشاء مستودَع بيانات على شبكة الإنترنت، يضم أكثر من 14 مليون تسلسلٍ لمستقبلات الخلايا التائية والخلايا البائية، ويواصل الفريق إضافة مزيدٍ من التسلسلات. وتتوافر هذه البيانات مجانًا، وربما تلعب دورًا محوريًا في إطار جهود العلماء الرامية إلى ابتكار علاجات جديدة لمكافحة الجائحة.

وقد يتمكَّن الباحثون عملياً من استنساخ الأجسام المضادة الأكثر فاعلية لدى المرضى المتعافين لاستخدامها في معالجة مرضى آخرين، بفضل معرفتهم بكيفية تأثير بصمات خلايا مناعية معينة في النتائج السريرية. وعلاوةً على ذلك، فإن فهم سمات الاستجابة المناعية الفعَّالة يوفر إرشادات يمكن أن تستفيد منها الفرق العاملة في مجال الوقاية.

تأتي هذه الدراسة -التي أجراها الفريق- في طليعة الدراسات التي تشير إلى اختلاف استجابة الخلايا البائية لفيروس كورونا المُستجد عن الاستجابة المعتادة. تقول بايندر موضحةً: "في أغلب حالات العدوى الفيروسية أو البكتيرية، تُراكِم جينات الخلايا البائية طفراتٍ تعمل على مواءمة جزيئات أجسامها المضادة مع مسببِّات الأمراض المعدية". لكن في حالة مرض «كوفيد-19»، تستطيع الأجسام المضادة غير المتخصصة التعرف إلى الفيروس أيضاً. وتضيف بايندر قائلة: "ثمة مخاوف من أن تكون هناك أجسامٌ مضادة معينة لديها تأثيرٌ سلبي في مسار المرض".

وكشفت التحليلات أيضًا وجود "اختلالات ملحوظة" في مستويات السيتوكين، حتى بعد تعافي المرضى، كما أظهرت تزايد مستويات بروتين sCD40L المرتبط بتخثر الدم بعد مرور عدة أسابيع على الإصابة بالفيروس، وهو ما قد يدلّ على أن هؤلاء المتعافين قد يواجهون خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لفترات طويلة المدى.

ويعكف الفريق في الوقت الحاليّ على دراستين بحثيتين إضافيتين، تشير إحداهما إلى وجود ارتباط بين تكوينات معينة لمستقبلات الخلايا البائية وشدّة المرض.

References

  1. Schultheiß, C., Paschold, L., Simnica, D., Mohme, M., Willscher, E. et al. Next-Generation Sequencing of T and B Cell Receptor Repertoires from COVID-19 Patients Showed Signatures Associated with Severity of Disease. Immunity 53, 442–455 (2020). | article

أقرأ أيضا

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة  حول عوامل جينية مُحتملة  تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

الجائحة تنال من كافة الأعمار

بحاثٌ أُجريت مؤخرًا تُوضِّح تأثير الجائحة العالمية في الأُسَر التي يعاني بعض أفرادها من اضطراب ما بعد الصدمة والتوحد.

لتبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

علتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.