اضطرابات متعددة والمصدر واحد

دراسة بخصوص أحد اضطرابات النمو المعقدة توفّر للباحثين رؤية أعمق لبروتين متعدد الوظائف مرتبط بكثير من العمليات الخلوية الأساسية.

قراءة

Ashraf Habib 2020

قد يؤدي تحور جين واحد يسهم في مجموعة واسعة من الوظائف الفسيولوجية بجميع أنحاء الجسم إلى ظهور متلازمات معقدة في عدة أعضاء. تسلّط دراسة حديثة شملت 23 مريضًا يعانون من طفرات في جين يسمى MADD الضوء على هذه الظاهرة، وتكشف كيف تؤدي التغيرات الجينية المختلفة إلى ظهور طائفة من الأعراض والتداعيات المرضية.

بدأت الدراسة عندما قابلت كرستين كوتشا -من مركز هامبورج-إيبندورف الطبي الجامعي في ألمانيا- شقيقين مصابين بمجموعة من اضطرابات الجهاز التنفسي والغدد الصماء والجهاز العصبي، وغيرها من اضطرابات النمو. ارتبطت هذه الاضطرابات بطفرة في جين MADD،  فتواصلت كوتشا لاحقًا مع باحثين آخرين حول العالم ممن لديهم خبرة في الحالات المصابة بهذه الطفرات.

يقول ماجد الفضل، من مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك): "كانت مجموعتنا البحثية قد اكتشفت هذه الطفرة الجينية سابقًا ونشرتها في مسودة". وقد شارك الفضل بياناته السريرية مع فريق كوتشا، وتضافرت جهودهم في نهاية المطاف لجمع البيانات الخاصة بـ 23 طفلًا لديهم 21 طفرة مختلفة في جين MADD.

أدَّت هذه الطفرات المتنوعة إلى ظهور حالات مرضية على القدر نفسه من التنوع، وقد صنَّفها الباحثون في مجموعتين كبيرتين. تلقَّت المجموعة الأولى، وتضم 14 مريضًا، توقعات شديدة السلبية بشأن سير مرضهم، مع ارتفاع مخاطر الوفاة في مرحلة مبكرة من العمر، وتأخر شديد في النمو، وتشوهات دموية، وخلل هرموني وعصبي. أما المجموعة الثانية، المكونة من 9 مرضى، فقد أظهرت إعاقات عصبية أخف وطأة نسبيًا، مع تأخر في النطق والمهارات  الحركية، وقابلية التعرض لنوبات الصرع.

حلَّل الباحثون تأثير هذه الطفرات في خلايا جلدية تبرَّع بها بعض المرضى، مما أتاح للباحثين أن يحدّدوا كيف تؤدّي التغيرات المختلفة في جين MADD إلى ظهور أشكال مبتورة أو شاذة من البروتين المشفر. وأظهرت التجارب  اللاحقة لزراعة الخلايا أن نقص جين MADD يعطل عديدًا من مسارات الإشارات الخلوية المهمة، ويضعف قدرة الخلايا على البقاء وسط الظروف الفسيولوجية المجهدة. كشفت هذه التحليلات أيضًا عن بعض الآليات المحتملة الكامنة وراء الأعراض المتنوعة التي لوحظت  لدى 23 مريضًا، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح كيف تسهم طفرات معينة في أنماط ظاهرية محددة لمرض ما.

ولولا نشر الأطباء من جميع أنحاء العالم النتائج الفردية لمرضاهم، لما تسنّى تحقيق هذا التقدم التعاوني في فهم التأثير السريري لطفرات MADD. يقول الفضل: "لقد أدركنا أنه يجب ألا نستهين بتأثير تقارير الحالات الفردية في الأبحاث". ولا يزال فريقه يشارك مشاركة فعالة في اكتشاف اضطرابات أخرى مماثلة كجزء من برنامج علم الوراثة والأمراض النادرة الذي أطلقه كيمارك. ويختتم الفضل حديثه: "نهدف إلى توصيف أنماطها الظاهرية السريرية، وتحديد الآليات الجينية والجزيئية، واكتشاف العلاجات المستقبلية المحتملة".

References

  1.  Schneeberger, P.E., et al. Biallelic MADD variants cause a phenotypic spectrum ranging from developmental delay to a multisystem disorder. Brain 143, 2437–2453 (2020). | article

أقرأ أيضا

دراسة العلاقة بين «كوفيد-19» والتغيرات الجينية

مبادرة تعاون دولي بين البنوك الحيوية تتحدَّى نتائج سابقة  حول عوامل جينية مُحتملة  تقفوراء الإصابة الشديدة بـ«كوفيد-19».

الجائحة تنال من كافة الأعمار

 أبحاثٌ أُجريت مؤخرًا تُوضِّح تأثير الجائحة العالمية في الأُسَر التي يعاني بعض أفرادها من اضطراب ما بعد الصدمة والتوحد.

التبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

جعلتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.