نواقل بالغة الصِّغَر لتعجيل إيصال لقاحات السرطان

لقاحات أصغر وأذكى لمكافحة مرض السرطان

NANOCLUSTERING/ Science Photo Library / Alamy Stock Photo

يمكن لاستراتيجيات مكافحة السرطان أن تصبح أكثر انتقائية وأقل سُميّة عما قريب، بفضل المواد النانوية. فقد كشفت دراسة استقصائية أجراها باحثون من المملكة العربية السعودية، من ضمنهم باحثون في مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)، بالتعاون مع مركز جاميا هامدارد في العاصمة الهندية نيودلهي، أن الأجسام بالغة الصِّغَر المُجَمَّعة ذاتيًا المعتمِدة على الدهون والبوليمر -أو النواقل النانوية- يُمكِن أن تساعد على الإجراءات العلاجية، بتيسير إيصال لقاحات السرطان إلى مواضع مُحَدَّدة في الجسم.  

وعلى الرغم من أن بعض اللقاحات -التي تُعرَف باسم اللقاحات الوقائية- يُمكِن أن تقي من السرطانات التي تسببها الفيروسات للأشخاص الأصحاء -مثل فيروس الورم الحليمي البشري- فإن أغلب لقاحات السرطان تُستَخدَم لعلاج المرضى المُصابين بالمرض بالفعل. وهذه اللقاحات العلاجية -التي تكون عادةً عبارة عن مستضدات مُشتقة من الخلايا السرطانية للمريض- تحفّز استجابة مناعية تؤدي إلى شنّ هجوم على الخلايا السرطانية.

تُعَدُّ لقاحات السرطان فعَّالة للغاية إِلَّا أَنَّه يصعب إدخالها إلى الأعضاء والخلايا المُستَهدَفة لأنها تتألَّف من أحماض نووية سالبة الشحنة ذات أوزان جزيئية مرتفعة. كما تؤثر تركيبات اللقاحات وسلامة حفظها في أدائها ومدى أمانها.

وثمة عدة طرق متاحة لإيصال لقاحات السرطان الموجَّهة. فقد اعتمدت لقاحات الجيل الأول على الفيروسات -مثل فيروسات الهربس البسيط والفيروسات الغُدَّيّة- لنقل مستضدات السرطان الموجهة للخلايا. غير أن هذا النهج يُزيد من احتمالية التعرُّض لمخاطر تولُّد الطفرات (التطفير)، وتولُّد السرطانات (التسرطن)، واستجابات مناعية غير مُتَوَقَّعة.

وتُعَدّ النواقل النانوية -مثل الجسيمات الدهنية والجسيمات النانوية- بدائل واعدة للنواقل الفيروسية. فهذه النواقل التي يسهل تصنيعها وإجراء تعديلات عليها بالاستعانة بتشكيلة متنوعة من المجموعات الوظيفية، توفر طرقًا متعددة لتغليف الأحماض النووية وإطلاقها في المواضع المنشودة. وعلى وجه التحديد، يمكن للنواقل النانوية المعتمِدة على الدهون والبوليمر اختراق أغشية الخلايا بسهولة وتعجيل عملية التَّعْداء؛ أي نقل العدوى صناعيًا. وهذه النواقل عبارة عن مُعقّدات إلكتروستاتيكية توجد بين الدهون أو البوليمرات موجبة الشحنة والأحماض النووية سالبة الشحنة.

يتوقف توصيل اللقاح باستخدام مُعقّدات معتمدة على الدهون على مجال الدهون الكاره للماء، والذي يتوسَّط عملية نقل الأحماض النووية عبر الغشاء ويحميها من الإنزيمات الموجودة في الخلايا المُستَهدَفة. وبعد دخول الخلية، يمكن للمُعقّدات أن تطلق حمولتها مباشرة في السيتوبلازم. أما المُعقّدات المعتمدة على البوليمر فتتطلب مادة مضافة للمساعدة على تمزيق الجُسِيمات الدَّاخلِية التي تتكون في أثناء دخول الخلية. وعادةً ما تشكِّل البوليمرات عالية التَّشَعُّب جسيمات أصغر من نظائرها الخطية، مما يُعزِّز أداءها.

استُخدِمَت النواقل النانوية لعقدين من الزمان في توصيل اللقاحات الجينية لمكافحة أنواع مختلفة من السرطانات، ومن بينها سرطان الثدي، وسرطان القولون، وسرطان عنق الرحم. وعلى وجه التحديد، قامت مُعقّدات البولي (أمين الإيثيلين) بفاعلية بتعداء مستضد صغير من مستضدات الحمض النووي الريبي يستهدف سرطان الثدي، وهو ما ثبّط نمو الورم. وأظهرت الجسيمات الدهنية الموجودة داخل الألبومين والمُستَخدَمة لإيصال عقار فينبلاستين مع مزيج من عقار جيني وعقار أوَّلي تأثيرًا تآزريًا مضادًا للأورام يقاوم الخلايا السرطانية الغُدِّيَّة الثَدْيِيَّة. 

ويعمل الباحثون في الوقت الراهن على تطوير تركيبات جديدة معتمِدة على النواقل النانوية وتقييمها، لتمكين لقاحات السرطان من تحقيق كامل إمكاناتها.

References

  1. Beg, S. et al. Lipid/polymer-based nanocomplexes in nucleic acid delivery as cancer vaccines. Drug Discovery Today (2021). Advance online publication, 18 February 2021. | article

أقرأ أيضا

لوضع العام للصحة النفسية في المملكة العربية السعودية

عزيز الرفاه وتحسينه في أثناء جائحة «كوفيد-19»، مع الحدِّ من الوصم المرتبط بالمرض النفسي.

تطعيم الكبار ضد الأمراض البكتيرية

على الرغم من أن برامج تطعيم الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خفضت بدرجة كبيرة من انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها، فإن برامج تطعيم الكبار لا تزال متعثرة.

التبعات النفسية لمرض "كوفيد-19"

جعلتنا جائحة "كوفيد-19" نُقدِّر أهمية الصحة النفسية في الآونة الأخيرة. والآن، توفِّر لنا أبحاثٌ من مختلف أنحاء العالم رؤى ثاقبة بخصوص الأضرار النفسية المترتبة على الجائحة.